Alqenaei

الرئيسية » المكتبة » خواطر باحث في رحاب القرآن الكريم – أهمية الأرض بالنسبة للخلق كله

خواطر باحث في رحاب القرآن الكريم

  أهمية الأرض بالنسبة للخلق كله

عبدالعزيز العلي المطوع

بسم الله الرحمن الرحيم

 

أهمية الأرض :

 

 

· القوى الغازية الحاملة للأرض والمكونة من أحزمة وغرف غازي .

· أهمية الأرض بالنسبة لإحيائها وللسماء وأجرامها والخلق كله سواءً أكان الخلق من الدخان كالسماوات أم من نار كالجن أم من الدخان والحجارة كأجرام السماء أم التراب كالإنسان ، والله سبحانه وتعالى هو العلام الحكيم .

 

أهمية الأرض:

 

في أوائل الثمانينات كنت في لندن ، وبينما كنت أقرأ قوله سبحانه : ] أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقاً ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون  [ .

 

قلت في نفسي أن هذه القوة التي فتقت الأرض عن قاعدتها في الجنوب لا بد وأن تكون ناتجة عن قوة غازية لأن القوى الغازية كبيرة جدا ُ ، إذ لا فرق بين قوة سقوط صخرة كبيرة من جبل وبين قوة انطلاق غرفة غازية من أعماق محيط   .

 

وإن الغاز كثيراً ما يخرج من الأرض على شكل براكين أو على شكل غازات نفطية أو غير ذلك . وإن الغاز الذي فتق الأرض لا بد وأن يكون موجوداً فيها وملازماً لها كي تبقى مرفوعة عن القاعدة اليابسة في الجنوب إلى ما شاء الله ،  ولا بد وأن ينتهي هذا الغاز يوماً ما .. وبنهايته تعود الأرض إلى القاعدة فتغرق في الماء الذي شكل اليابسة منه 22٪ . علماً بأن الأرض قبل الفتق كانت كتلة واحدة تامة التلاصق والتشابك فيما بين شمال الأرض وجنوبها وعندما تم الفتق تحولت الأرض إلى أطراف متباعدة وغير متباعدة عن مكان الفتق ، وتضاريس في الشمال والجنوب قابلة للتلابس والتلاصق مرة ثانية ، يكون أكثرها الكتلة الشمالية ( آسيا وأفريقيا وأوروبا والأمريكتين ) .. وبعضها غير متصل بالكتلة الشمالية مثل : قارة أستراليا وغيرها من الجزر الكثيرة المبعثرة في المحيطات الثلاثة : ( الهادي والأطلسي والهندي ) وكذلك ( بحر العرب ) . أما اليابسة في الجنوب فقد بقيت مكانها . وقد غمرت المياه جميع الفراغات التي تكونت من جراء هذا التباعد بعد الفتق .يدلنا على ذلك تضاريس اليابسة في المتجمد الجنوبي وتضاريس الأطراف المواجهة لها شمالاً والتي كانت ملتصقة به قبل الفتق . وإن كل نتوء في جانب من جوانب الأرض يقابله فراغ في الجانب الآخر – يملأه الماء – يؤيد ذلك قوله سبحانه في الآية المتقدمة : ] أو لم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقاً ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون [  .

 

 وإن الأحياء في الماء لا يعدها ولا يحصيها إلا خالقها ، والأحياء بخارج الماء خلقت من الماء وعليه مدار حياتها . وقد حصل الفتق بانفصال اليابسة عن قاعدتها في الجنوب نحو الشمال ، بدليل أنه لا تزال قطعة من دولة ( شيلي ) التابعة ( لأمريكا الجنوبية ) .. ملتصقة بالقارة السادسة بالمتجمد الجنوبي حتى يومنا هذا .

 

 
 


والى القارئ الكريم صورة للكرة الأرضية قبل الفتق ، ويلاحظ التصاق جميع القارات بعضها ببعض .

 

 

 
 


وصورة للقارة السادسة ( المتجمد الجنوبي ) بعد الفتق يحيط بها الماء والثلوج ، على عكس المتجمد الشمالي الذي هو ماء وثلوج

تحيط بهما اليابسة من كل الجوانب .

 

وعندما فكرت في ذلك كله – لا سيما فتق الأرض – حصل عندي شيء من الإنفعال والاهتزاز خوفاً على الأرض من فقد الغاز فتغرق عائدة الى القاعدة .

 

ولم يكن معي في مسكني  ( بلندن ) آنئذ إلا أحد الأصدقاء المصريين .. درس في ( لندن ) وأقام بها وتزوج من أهلها ، ولغته في داره هي الإنجليزية مما جعل أولاده لا يتكلمون العربية . وهو لا بزال يقيم في لندن .. يرافقني عند تواجدي بها ولا أزال أعتمد عليه في بعض اللوازم ، فقلت له : تعال معي الى بعض مكتبات لندن لعلي أجد في بعض الكتب القديمة ما يطمئنني . والمكتبات في لندن تزخر بالكتب على مختلف انواعها ، تعرضها وفقاً للموضوعات التى تتناولها في أقسام متعددة . وقد طلبت منه أن يدلني على القسم الذي يعرض فيه الغوامض ( MYSTERIE )  حيث أن العلم اليوم – رغم تقدمه – فقد يعجز عن الوصول لما وصل اليه قدماء المصريين وسكان قارتي ( أطلنتس ) و ( مو ) في مختلف العلوم . وقد وجدت ولله الحمد في كتب الغوامض الشيء الكثير مما كنت أبحث عنه . رغم أن ثقافة الصديق إنجليزية ، إلا أنني أنا الذي بحثت عن الكتب واخترت أكثرها مستعيناً بالأسماء والصور التي تحتويها . وقد قمت بنشر بعض هذه الصور في كتاباتي عن رحلات ذي القرنين في القرآن الكريم ، والقارات المفقودة مثل ( أطلنتس ) و ( مـو ) .

 

وقد اطلعت على بعض هذه الكتب القديمة التي أخذتها من مكتبات لندن – ولا سيما ما كتبه الكاتب الأمريكي ” جيمس تشيرشوراد – JAMES CHURCHWARD  ” في مؤلفاته المتعددة .. بعد اكتشافه لمجموعتين من الألواح الحجرية في مغارات بمعابد الهند – كان الرهبان البوذيون والكونفوشيوسيون يخافونها ويحذرون من الاقتراب منها . ولكن نظراً لقضائه أعواماً كثيرة مع هؤلاء الرهبان ، فقد سمحوا له بدخول مغارتين في معابدهم – وذلك على مسئوليته – حيث اكتشف العديد من الألواح مجموعها 3600 لوحاً قال أنها واردة أصلاً من قارة ( مو ) ، وقد تمكن من حل رموز الكتابة على هذه الألواح ، كما قام بدراسة ما يقرب من 2500 لوح آخر – اكتشفها حديثا ُ ” وليم نيفن  WILLIAM NIVEN ” في المكسيك ، وهو أحد المتخصصين في علوم التعدين .

 

     وقد تبين لي من ذلك أن الغازات التي فتقت الأرض عن القارة القطبية مكونة من أربعة عشر حزاماً كما يقول تشير شوارد في كتابه ( القوى الكونية لقارة مو ) وقد وضع لها أرقاماً من (1) إلى (14) وأهمها الحزام رقم (1) الذي كان يحمل قارتي ( أطلنتس ) و ( مو ) قبل غرقهما . وهذ الحزام يخترق حوض البحر المتوسط والجزء الجنوبي لقارة أوروبا ثم منطقة الخليج وأواسط آسيا ، ثم أواسط المحيط الهادي فأمريكا الوسطى والمكسيك ، ثم أواسط المحيط الأطلسي . وما كنت أعتقد أنها أحزمة غازية ، بل كان اعتقادي أنها غازات في مناطق متفرقة من الأرض .

 

وأضع للقارئ الكريم في الصفحات التالية صورة لأحد هذه الأحزمة كما أوردها ” تشيرشوارد ” في كتابه المتقدم ، وصورة ثانية تبين كيفية تغذية الأحزمة الغازيو بواسطة غرف غازية تقع أسفلها وتستمر في تغذيتها لتمكنها من رفع مساحات من اليابسة على سطح الماء . وصورة ثالثة تبين كيفية خروج الغازات المضغوطة في الغرف الغازية في باطن الأرض على شكل براكين ، وما يحدت من تدمير لليابسة التي تحملها هذه الغرف وهي تهوي إلى قاع المحيطات .


كما لا يفوتني أن أشير إلى كتاب مهم آخر ، وهو ” أطلس العالم للغوامض  THE WORLD ATTLAS OF MYSTERIES   ” للكاتب البريطاني فرانسيس هيتشنج – FRANCIS HITCHING   فقد استعنت ببعض الخرائط التي يحتويها هذا الكتاب .

خريطة العالم بها مواقع الأحزمة القارية كما وضعها تشيرشوارد في كتابه ” القوى الكونية لقارة مــو ”

Key Map Of The Eartips gretest gas belts       Details Commencing At Chapter VIII

1- The Great Central Belt . 8- The Colombian Spur Belt .

2- The Alpe and Halken Division . 9- Ladrone – Japanese Belt.

3- The Paciter Citcuit Helt . 10- Galapagos – Spur Belt.

4- Appalachin – Iceland – Scandinavian Belt.      11- Persian – Hinda Belt.      

5- The Ural Mountain Division . 12- Asia Minor – Arabian Belt.

6- The Malay – Southern Oacific Cross Belt .     13- West African Belt.

7- The Biaril – Guinea – West Indian . 14- Faican Belt.

There are many other small connecting belts who are not given in this general key .

 
 


THE BLOWING OUT OF ISOLATED ( HAMRER )

A- An area of Iand upbeld by isolated gas chamber .

B- Oceans sunwnding the Iand .

C- The isolated chamber .

D- A forming belt .

E- Lower chambers whose gases are feeding the belt .

كيفية تغذية الأحزمة الغازية بواسطة غرف غازية تقع أسفلها .

( أ  )-   مساحة من اليابسة محمولة فوق إحدى الغرف الغازية المنفصلة

( ب)-  المياه تحيط بقطعة اليابسة من كل جانب .

( ج )-  غرف الغاز المنفصلة التي تحمل الجزيرة .

( د  )-  الحزام الغازي المتكون .

 

 

 
 


( هـه)-  الغرف الغازية السفلى التي تغذي الحزام . 

INDIRECT EMPTYING

 

1- Normal condition of chambers before over – compressing .

2- Over – compressed  . Rool of  B prctured . Gases from note of ampers ecaping . A into B  the 

     through volcano .

3- Both chamders collapsed , roof of A  falls Rat . Roof of  B  a jumbled mass .

تبين هذه الصور الثلاث كيف أن الغازات التي تتكون في باطن الأرض ، تدفع إلى الغرف بقوة هائلة تجعل هذه الغرف متخمة ومضغوطة أكثر من اللازم ، وهذا يتطلب حيزاً أوسع لهذه الغازات . وتحصل الغازات المتراكمة على هذا الحيز الإضافي برفع السقف لأعلى الغرفة دون أدنى مقاومة من السقف مما يجعل الأرض تقترب من سطح الماء . وكلما ازداد ضغط الغازات على سطح الغرفة الغازية كلما برزت الأرض فوق سطح الماء مكونة جزيرة من اليابسة ويصبح السقف بفعل الضغط المتزايد أقل سمكاً فأقل مع كل حركة دفع ورفع .. وبهذا يبدأ السقف في التشقق ولا يتحمل المزيد فينكسر وتنطلق الغازات على شكل بركان . وعندما يقل ضغط الغاز بعد خروج معظمه من الفوهة ينهار سقف الغرفة الأولى ثم يبدأ الغاز في التسرب من الفوهة الثانية لملأ فراغ الأولى بحيث لا يتمكن ضغط الغاز من رفع  السقف وتعود الأرض لتغوص في الماء .

 

أهمية الأرض :  وتتبين أهمية الأرض من غيرة الملائكة عليها في قوله سبحانه حكاية عنهم : ] وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم مما لا تعلمون [ .

 

    وكذلك أهمية الانسان المخلوق من طينتها والذي يسخر له المولى سبحانه ما في السماوات والأرض ، وهو يتبين من قوله جل شأنه : ] هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً ثم استوى  إلى السماء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شيء عليم ~ [ . كما تتبن أهمية الأرض أيضاً من إقرانها بالسماوات في آيات كتاب الله .

 

وقد وقفت عند كلمة ( ثم ) لأنها تأتي في اللغة للتعقيب والتراخي – فتبين لي من ذلك أن خلق الأرض وجميع ما يعود عليها بالفائدة كان سابقاً للسماء في الخلق . ووقفت عند ذلك كثيراً ، لأن المعايير العلمية الموجودة لم تصل إلى هذا المعنى . ثم قلت في نفسي إن كل ما يقوله الناس خرص وتخمين ونظريات قابلة للنظر وإن ما يقوله الله سبحانه في كتبه السماوية المنزلة على رسله حقائق لا يتطرق إليها الشك ( ومن أصدق من الله حديثاً )

 

  ثم هداني الله سبحانه إلى تفصيل ما أجمل في الآية المتقدمة في بضع آيات من سورة فصلت ، ( الآيات من 9 إلى 12 ) وذلك في قوله تبارك وتعالى : ] قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أنداداً ذلك رب العالمين ~ وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء ً للسائلين ~ ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض آتيا طوعاً أو كرهاً قالتا أتينا طائعبن ~ فقضاهن سبع سماوات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا  ذلك تقدير العزيز العليم ~ [ (ويتبين من قوله سبحانه : ] سواء للسائلين [ – أي يويمن للأرض ويومين لما يلزم لها من شمس وقمر وكواكب وجبال وأقوات وغير ذلك ، لأن عدد الأيام ستة كما هو معروف ومتكرر في كتاب الله) .

 

المصابيح في السماء الدنيا : لقد تصادف تواجدي مع جمع من الأساتذة المصريين بالكويت في الأربعينات ، وكانوا يتحدثون عن تقدير ابعاد النجوم عن الأرض بملايين السنين الضوئية . فقلت لهم : أنا لا أعارض في سعة السماء لأن المولى سبحانه يقول : ] والسماء بنيناها بأييد وإنا لموسعون [ . وإن جملة ( ونا لموسعون ) تفيد التأكيد على استمرارية التوسع ، وأن السماء لا تزال في توسع مستمر . إلا أن الشيء الذي أعتقده أن هذه النجوم مهما بعدت .. فإنها في السماء الدنيا لقوله سبحانه : ] ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوماً للشياطين وأعتدنا لهم عذاب السعير ~ [ فقالوا أنهم سيأتوني بكتاب من مصر عن الأجرام السماوية اسمه ( النجوم في مسالكها ) من تأليف اللورد ” جيمس جينز ” – على ما أذكره – فقلت خيراً .

 

وقد جاءوا بنسخة من هذا الكتاب مترجمة إلى العربية . وجاء في هذا الكتاب قول الكاتب أن الأرض والمجموعة في زاوية منعزلة من العالم ، وأن النجوم في السماء الدنيا ، إذ لو كانت النجوم في السماء العليا أيضاً .. نجم فوق نجم ويعلوه نجم ثالث وهكذا .. لرأينا السماء كقطعة واحدة من نور . وقد كان في ذلك نصر للقرآن الكريم المنتصر دوماً .

 

الأرض مصدر الدخان :  وقد وقفت أيضاً عند قوله سبحانه : ] ثم استوى إلى السماء وهي دخان [ مفكراً في مصدر الدخان حيث أن ( المادة لا تفنى ولا تخلق من العدم ) . ثم هداني تفكيري إلى أن مادة الدخان قد تكون منبعثة من الأرض لآنها مخلوقة قبل السماء ، وبضعف المدة التي خلقت فيها السماء . لا سيما وأن الأرض كانت كتلة ملتهبة قبل القشرة الترابية ، وكما قيل : ( لا دخان بدون نار ) .

 

وإن الأرض والسماوات وما بينهما هي أول الخلق بعد عرش الرحمن كما جاء في الآية  ( 59 ) من سورة الفرقان في قوله سبحانه : ] الذي خلق السماوات والأرض وما بينها في ستة أيام ثم استوى على العرش الرحمن فاسأل به خبيرا [ . وكما ورد في المسند عن أبي رنين العقيلي أنه قال : يا رسول الله أين كان ربنا عز وجل قبل أن يخلق السماوات والأرض ؟ قال r : في عماء ما فوقه هواء وما تحته هواء وما ثم خلق ، عرشه على الماء . وقد مر علي ما يروى عن أبي بكر الصديق أنه جاء في حديثه مع أحد الصحابة هذه العبارة : ( أقول لك قال الله ، وتقول لي قال عمر ؟ !! ) .. ويعني ذلك أن قول الله سبحانه أصدق وأبلغ من كل قول .

 

ومن المؤكد أن الشمس  وتوابعها مخلوقة بعد الأرض – أي في اليومين التاليين لخلق الأرض – حيث لا يمكن أن يكون في الأرض أقوات دون شمس وقمر مثلاً ، بينما خلق سبحانه السماوات السبع في يومين فيكون مجموع الأيام كلها ستة .

 

ولعل من الحكمة في خلقة سبحانه السماوات والأرض في ستة ايام .. ولله المثل الأعلى مراعاة لأنسان المستقبل الذي هو مركز الثقل وبيت القصيد من الخلق كله ، لكي يعمل في ستة أيام من الإسبوع ما يستطيع عمله من الخير كله لفائدته وفائدة  مجتمعه وأمته والناس أجمعين .. وكل ما فيه فائدة لدنياه وأخراه ، وليفرد اليوم السابع منه بصلاة جامعة وتعارف وتحابب كعيد اسبوعي . وربما لولا ذلك لما احتاج الخلق إلى ستة أيام أو أكثر أو أقل مصداقاً لقوله سبحانه في ختام سورة يس : ] أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم ~ إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون ~ فسبحن الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون ~ [ .

 

وإذا كانت الأرض التي تغار عليها الملائكة مفضلة – وذلك كقوله سبحانه : ] وأشرقت الأرض بنور ربها [

يوم لا نور تشرق به إلا نور ربها – فإن إنسانها مفضل أيضاً على كثير من الخلق تفضيلاً يليق به ولا سيما إذا كان مؤمناً موحداً عاملاً للصالحات ، وقد سخر له المولى سبحانه ما في السماوات وما في الأرض .

 

هل الأرض نواة للخلق كله؟ :  لعل الذي يتبين مما تقدم أن من دخان الأرض تكونت السماء ، ومن حجارة الأرض ودخان السماء تكونت الأجرام والسدم ، وذلك كما جاء في الآيات من 9 إلى 12 من سورة ( فصلت ) المتقدمة .

 

     ولعل الأرض كانت نواة الخلق كله بما في ذلك أجرام السماء بدليل أن العناصر في السماء وأجرامها كلها من عناصر الأرض ، وأن الإنسان خلق من طينة الأرض . أما الجان فمخلوق قبل ذلك من نار الأرض لقوله سبحانه : ] ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمأ مسنون [ . وإن جميع الأحياء مخلوقة من الماء لقوله سبحانه : ] وجعلنا من الماء كل شيء حي [ .

 

ولعل أجرام الفضاء التي جعلها المولى رجوماً للشياطين أشبه ما تكون بكريات الدم البيضاء – شكلاً ومهمة – بالنسبة للأنسان مثلاً . وإن المولى سبحانه لم يخلق خلقاً بدون قوى دفاعية تحميه من أشكال الشياطين الضارة المتعددة . ]  … ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت [. وإن كل ضار للإنسان شيطان سواء أكان من الجن أم الإنس ، مرئياً أم غير مرئي بالعين المجردة ، وذلك كالميكروبات مثلاً ، ومما يدل على أن الميكروبات الضارة من الشياطين ما جاء في الحديث الشريف عن أبي الزبير عن جابر قال : قال رسول الله r : ” أغلقوا أبوابكم وخمروا آنيتكم واطفئوا سرجكم وأوكوا أسقيتكم فإن الشيطان لا يفتح باباً مغلقاً ، ولا يكشف غطاء ولا يحل وكاء ، وإن الفويسقة تضرم البيت على أهله – يعنى الفأرة “. وجاء في الحديث الشريف أيضاً عن أبي سعيد الخدري عن أبيه قال : قال رسول الله r : ” إذا تثاءب أحدكم فليكظم ما استطاع فإن الشيطان يدخل في فيه ( أي في فمه ) ” . وقد تكرر في الحديث عن قص الأظافر ، وأن ذلك من الفطرة وأنها تتظلل تحتها الشياطين – فأي شياطين تدخل الفم المفتوح وتتظلل تحت الأظافر إلا الميكروبات ؟ وإن من الفطرة قص الشارب كي لا يشكل صريماً ووكراً لشياطين الميكروبات بين الفم والأنف . أما اللحى ، فبعيدة عن مدخلي الهواء والغذاء ، ولعله لذلك ورد إكرامها بما لا يشوه منظر المؤمن .

 

استدراك:

 

لقد تقدم ان الأرض هي نواة السماء وإن كل مخلوق من الدخان أو من الدخان والحجارة ، أو من النار أو التراب والماء فإنه من الأرض .

 

وقد تبين لي من الحديث الشريف المتقدم عن أبي زين العقيلي : يا  رسول الله أين كان ربنا عز وجل قبل أن بخلق السماوات والأرض ؟ ” قال r : في عماء ما فوقه هواء وما تحته هواء ثم خلق عرشه على الماء ” – أن قدم الماء من قدم العرش وأن الهواء موجود قبل خلق السماء وقبل خلق الأرض . وقد جاء في الموسوعة الأمريكية : ( إن عناصر الهواء غازية إذ يتكون الهواء من خليط من الغازات ، وأن هذه الغازات الموجودة في الكون كله هي التي توصل النور والحرارة فيما بين الأرض وبين الشمس والكواكب الأخرى . كما أن بعض هذه الغازات تقوم بوقاية الأرض مثلا  ً من الإشعاعات الشمسية كالأشعة فوق البنفسجية ، وذلك بامتصاص هذه الأشعة أو عكسها ثانية نحو الفضاء . وإن هذه الغازات تحيط بكل كوكب أو جرم من الأجرام السماوية الطبيعية . وأن الغلاف الجوي ( أو الهواء الجاف النقي ) الذي يحيط بالأرض يمتد ارتفاعه إلى حوالي 50 ميلاً على سطح الأرض ، يتكون من 78 ٪ تقريباً نيتروجين ، 21٪ تقريباً أكسجين ، مع شيء قليل من غاز ثاني أكسيد الكربون والأيدروجين والميثان والأوزون وغيرهما من الغازات الأخرى وبخار الماء ، وكل ذلك بنسبة 1٪ تقريباً ) .

 

   ولعل الأرض تمتاز عن غيرها من الكواكب بوجود الحياة على ظهرها لوفرة الأكسجين والنبيتروجين في جوها . علماً بأن المواءمة بين الأحياء الحيوانية والأحياء النباتية في الدورة التنفسية والغذائية ودورة الماء بين الأرض والسماء وبدورات أخرى مفيدة ، كلها ضرورية لاستمرار الحياة في الأرض كالدورات بين الإنسان والأنعام مثلا ُ إذ يعطيها ما تحتاجه ويأخذ منها ما يحتاجه . ومن المعلوم بالفطرة أن الخلاق العليم والمدبر الحكيم سبحانه أزلي لا نهائي ، له عز وجل الخلق كله والأمر والملك كله ، وأنه سبحانه قبل القبل وبعد البعد . ] هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم [ . موصوف بصفات الكمال كلها ومنزه سبحانه عن كل نقصان. ] ليس كمثله شيء وهو السميع البصير [ . وهو على كل شيء قدير ، تقدست أسمائه وتباركت آلائه وجل ثنائه .

 

من فوائد الفتق:

 

ولعل الفائدة الأولى من الفتق هي حدوث فراغات واسعة تنفجر خلالها المياه .. بواقع 78٪ بالنسبة للأرض كلها . والثانية أن ترتفع الأرض عن الجنوب نحو الشمال ليكون خط الاستواء في الوسط ، ويكون وسط النصف الشمالي عند مدار السرطان ، ووسط النصف الجنوبي عند مدار الجدي وليكون البعد متساوياً بالنسبة لخط الاستواء فيما بين المتجمد الشمالي والمتجمد الجنوبي ، وأن يحدث نقص في الطرف الجنوبي من الأرض –يتكون من يابسة وماء – شأن النقص في الطرف الشمالي الذي يتكون من يابسة وماء –  شأن النقص في الطرف الشمالي الذي يتكون من أمواه وثلوج . ويكون النقص من دائرة أطراف الأرض شمالاً وجنوباً بقدر المساحة التي يصعب العيش فيها . ولعل المولى يعني ذلك بقوله جل شأنه في الآية (41) من سورة الرعد : ] أو لم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها والله يحكم لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب ~ [ ، ويقول سبحانه في الآية (44) من سورة الأنبياء : ] ..  بل متعنا هؤلاء وآبائهم حتى طال عليهم العمر أفلا يرون أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها أفهم الغالبون ~ [ .

 

    وقد اقتضت حكمته سبحانه أن تكون الأرض والأجرام الفضائية مائلة بين الرفع والوضع .. ولعل ذلك لفقدان الوزن ، حيث أن بين كل متضادين جانباً وسطاً مصداقاً لقوله سبحانه في الآية (40) من سورة يس :

] لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون ~ [ .

 

وقوله سبحانه عن الرفع والوضع والتعادل في سورة الرحمن : ] الشمس والقمر بحسبان ~ والنجم والشجر يسجدان ~ والسماء رفعها ووضع الميزان ~ ألا تطغوا في الميزان ~ وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان ~ [ .

 

ولعل من حكمة المولى سبحانه أيضاً أن جعل ميلان الأرض رأسياً لضبط جريان مياه الأنهار بحيث تجري غالبية الأنهار من الشمال إلى الجنوب جرياناً محكماً . وإذا كان ( نهر النيل ) في أفريقيا ، ( ونهر الأمازون ) في أمريكا الجنوبية يجريان من الجنوب إلى الشمال .. فإن في ذلك تأييداً لهذا الميلان وبيان مقداره ، لأن منابعهما على مرتفعات عند خط الاستواء . ومن مجرى ( النيل ) ومجرى ( الأمازون ) ، ومجاري الأنهار الأخرى العكسية من الشمال نحو الجنوب – يعرف العلماء والرياضيون مقدار الميلان الذي هو رأسي مائل ، علماً بأن الميلان معروف علمياً .. إذ لو كان وضع الأرض رأسي غير مائل لضاعت الأمواه بانحدارها كلها نحو الجنوب جارفة ما يقابلها في طريقها ، كما أنه لو كانت الأرض أفقية بين الشمال والجنوب لضاعت الأمواه بين الشمال والجنوب ، وذلك بانحدار ما بعد خط الاستواء جنوباً نحو الجنوب وما بعد خط الاستواء شمالاً نحو الشمال ، ولكن الله سلم  ] والله يحكم لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب [ .

 

خاتمة:

 

هذا ما يتبين لي للعرض لا للفرض ، لأن المولى سبحانه قد أمر عباده بالتفكر ففكرت كأحدهم وأمرنا جل ّ شأنه بعدم الكتمان فعرضت ما تبين لي والذي يفرضه أو يرفضه هو الدليل القويم والمنطق السليم والعلم الراسخ . وإن القرآن العظيم حمال أوجه ، وآياته براعم تتفتح في مواسمها ، وهو يتجدد مع الزمن ولا تنقضي عجائبه ، وهو القول الفصل الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه لأنه منزل بعلم الذي يعرف السر في السماوات والأرض مصداقاً لقوله سبحانه في الآية (52) من سورة الأعراف : ] .. ولقد جئناهم بكتب فصلناه على علم هدى ً ورحمة لقوم يؤمنون ~ [ ، وقوله تبارك وتعالى في ختام سورة يوسف : ] ما كان حديثاً يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ً ورحمة لقوم يؤمنون ~ [ ، وقوله جل ّ شأنه فس مستهل سورة هود : ] آلــر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير ~ [ . وآيات كتاب الله في هذا المعنى كثيرة .

 

وأختم بقوله سبحانه : ] الله الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوي على العرش ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع أفلا تتذكرون ~ [ 4/ السجدة .

     وإن مما يتبين من تكرار ذكره سبحانه للسماوات والأرض .. أهمية الأرض ، كما يتبين من قوله سبحانه : ] وما بينهما [  أن الأرض وإن كانت ملتقية مع السماء من جهة الجنوب .. فإنها تمثل طرفاً مقابلاً للسماء من جانب الشمال ، وأن الجانبين ناقصان كما تقدم . ولكون الأرض كروية والسماء سقفاً محفوظاً .. فيكون الالتقاء مع السماء من جميع الجوانب . ويقول سبحانه : ] وجعلنا في الأرض رواسي أن تميد بهم وجعلنا فيها فجاجاً سبلاً لعلهم يهتدون [ . ويتبين من ذلك أن موقع جميع الأجرام هو فيما بين السماء والأرض . وأكرر قوله جل ّ شأنه : ] أولم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها والله يحكم لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب [ .

 

وقوله سبحانه : ] بل متعنا هؤلاء وآبائهم حتى طال عليهم العمر أفلا يرون أناّ نأتي الأرض ننقصها من أطرافها أهم الغالبون [ ، كما أكرر ما جاء في كتاب  ( النجوم في مسالكها ) المتقدم من أن الأرض والمجموعة في زاوية منعزلة من العالم . ولعلها من الجنوب بالنسبة للكون كله مصداقاً لقوله سبحانه : ] أولم يرى الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقاً ففتتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون [ .

 

 وبدليل أن الصواريخ التي أطلقت جهة الجنوب لم يعرف عنها شيء  ، وأن الجانب في الشمال من الكرة الأرضية معروف بخلاف الجانب فيما وراء القارة القطبية الجنوبية السادسة .. فهو غير معروف ، والله سبحانه هو العلام الحكيم .

 

عبد العزيز العلي المطوع