عبدالله العلي المطوع (رحمه الله)
(1926-2006)
المولد والنشأة
ولد المحسن عبدالله العلي المطوع رحمه الله تعالى بالكويت عام 1345 هـ الموافق عام 1926 م، وعاش في أجواء أسرة مباركة طيبة يحفها الالتزام ويغشاها الحب والتآلف والتراحم، وكان المجتمع وقتها متماسكاً ملتزماً، لم تلوثه الموجة المادية الجارفة التي أذهبت كثيراً من صفائه في أيامنا هذه، وقد حرص الوالد علي عبدالوهاب المطوع يرحمه الله على تربيته وإخوته تربية صالحة قويمة.
تعليمه
تلقى عبدالله المطوع يرحمه الله تعليمه في الكُتّاب، في فترة مبكرة من تاريخ التعليم في الكويت، حيث كان الاهتمام بالتعليم وقتها متركزاً في دروس القرآن الكريم، ومبادئ القراءة والكتابة، وتعليم المحاسبة (مسك الدفاتر) وشيء من التاريخ، فبدأ حياته التعليمية بمدرسة الملا عثمان، نسبة إلى عثمان عبداللطيف العثمان، ودرس في المدرسة المباركية والأحمدية، وكان من زملائه فيها سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح يرحمه الله وتخرج يرحمه الله من هذه المدرسة عام 1940 م ليمارس حياته العملية في مدرسة الحياة الكبيرة.
حياته الاجتماعية
خاض العم أبو بدر يرحمه الله تجربة الزواج مبكراً لكي ينعم بالاستقرار الأسري وينشئ أسرة صالحة، إذ طلب إلى والده، وهو في سن السادسة عشرة أن يزوجه من إحدى قريباته، ولكن الوالد طلب منه إكمال دراسته أولاً ثم البحث عن الزواج، غير أن العم أبو بدر الذي كان يعي جيداً أهمية وجود زوجة صالحة تعينه على العفاف وسط مغريات الحياة ألح على والده في الطلب قائلاً: «يا أبي، أريد أن أحافظ على نفسي بالزواج المبكر»، فوافق الوالد أمام رغبة ولده، واختار إحدى قريباته لتشاركه في رحلة الحياة، وأثمر زواجه، ورزقه الله تعالى منها بثلاثة من البنين وسبع بنات ثم تزوج بزوجة ثانية ورزقه الله تعالى منها بستة من البنين وبنتين، وقد رباهم يرحمه الله على الفضائل والالتزام بالمنهج الإسلامي، وحرص على تزويج أولاده الذكور في سن مبكرة حتى يحصنهم ضد الفتن التي كثرت في هذا العصر، فزوج ستة منهم على حياته قبل انتهاء الدراسة الجامعية. أما بناته التسع، فقد زوج أكثرهن دون مهر، وجهزهن تجهيزاً معتدلاً، لأن مبدأه رفض المغالاة في المهور والبذخ في مظاهر الزواج، وأما أحفاده وذريتهم الذين تجاوز عددهم 180 حفيداً حتى وفاته فهو يفرح برؤيتهم في كل مناسبة اجتماعية وفي كل عيد ويطمئن على أحوالهم، وهم بالمقابل دائمو السؤال عنه، في أجواء إسلامية كويتية بديعة يعرف الصغير حق الكبير، ويرحم فيها الكبير الصغير ويعطف عليه.
صفاته وأخلاقه
تشربت نفس عبدالله المطوع حب الالتزام منذ الصغر، فقد كان والده يصحبه إلى المسجد لصلاة الفجر، ليحببها إليه ويعينه على أدائها حتى صارت سجية عنده، فظل محافظاً عليها، حتى آخر يوم في حياته، كما غرس والده في نفسه التعود على مجالس الرجال والتعلم من أخلاقهم وتحمل المسؤولية، فكان يستعين به في استقبال رواد ديوانيته وتقديم القهوة لهم؛ وكان ديوانه جامعاً لتجار المشرق والمغرب، فالتقى فيه بتجار الهند وإفريقيا والجزيرة العربية والعراق والشام وغيرها من البلاد، فتعرف عليهم جميعاً. وتعلم – رحمه الله – حب الإنفاق من والده الذي رآه وقد خصص بِركة في منزله لسقي الماء يفتحها للناس إذا تأخرت سفن جلب الماء من شط العرب، فتربى على الفرح بخدمة الناس وسماع شكاواهم والسعي في حلها بقدر استطاعته. ولذا كان يرحمه الله كريماً جواداً سخياً يعطي عطاء من لا يخشى الفقر.
عمله وتجارته
نشأ المحسن عبدالله العلي المطوع يرحمه الله في بيئة تجارية، فوالده التاجر المعروف علي عبدالوهاب المطوع كان يعمل في تجهيز السفن المسافرة إلى الهند وإفريقيا للتجارة، ويستقبل أهل البادية من الجزيرة فيبيع لهم ويشتري منهم، ثم اتسعت تجارته بعد ذلك فأنشأ شركة علي عبدالوهاب ذات السمعة المعروفة في السوق الكويتي والخليجي، وكان ابنه الأكبر عبدالعزيز العلي صاحب تجارة واسعة في المملكة العربية السعودية والكويت والعراق. بدأ المحسن عبدالله العلي المطوع يرحمه الله حياته العملية كتاجر تحت رعاية والده في سن الرابعة عشرة، حيث كان يسلمه مسؤولية أمانة تجارته أوقات سفره خارج البلاد، فتولى رحمه الله إدارة أموال والده، الذي اعتمد عليه في عقد صفقات كبرى وحمله ذات مرة مئة ألف روبية وكانت مبلغاً كبيراً جداً آنذاك بهدف تدريبه وتنمية قدراته ليتولى فيما بعد مهام العمل التجاري وحده.
ولما توفي والده يرحمه الله في 28 فبراير عام 1946 م، أدار أبو بدر يرحمه الله تجارة أخيه عبدالعزيز وتجارة والده معاً وكان عمره حينئذ 20 عاماً ثم تفرغ لتجارة والده، فتولى إدارة شركة علي عبدالوهاب وأولاده من وقتها وحتى وفاته رغم تعدد شركاء هذه الشركة من جهة، ومن جهة أخرى كان والده متزوجاً من ثلاث زوجات، وله من الأولاد والبنات عدد كبير، إلا أنهم اجتمعوا على الموافقة على إدارة العم أبي بدر لهذه الشركة، وكان رأس مالها مئة وخمسين ألف روبية، أي ما يعادل 12 ألف دينار كويتي وقتها، فأدار هذه الشركة وانتقل بها من نجاح إلى نجاح، حتى امتد نشاطها من دولة الكويت إلى دول الخليج العربي ومعظم قارات العالم، وفي عام 1952 م سافر العم أبو بدر يرحمه الله إلى بريطانيا لأول مرة في حياته، وعمل وكيلاً لسيارات «أوستين» الإنجليزية، واشترى في رحلة العودة غسالة عادية لأهله، فوجدها وسيلة متميزة تساعد ربات البيوت، فعزم على شراء عدد منها وبيعه، وفي عام 1953 م تقريباً ذهب ليعقد أكبر صفقة في تاريخ المصنع الإنجليزي «شركة سيرفيس» حيث اشترى سبعة عشر ألف غسالة، وصار وكيلاً لهذه الغسالات في الكويت، وكان ربح هذه الصفقة 100% بحمد الله وتوفيقه، وبعدها سافر إلى الصين واليابان عام 1954 م، حيث عقد صفقة أقمشة بمليون روبية لصالح وزارة التربية، ثم سافر إلى ألمانيا عام 1955 م لشراء أحذية لطلاب المدارس بمبلغ كبير، ثم توالت الصفقات والرحلات التجارية حتى قبيل وفاته يرحمه الله ووفقه الله تعالى حتى صارت القيمة السوقية لشركة والده علي عبدالوهاب وأولاده وشركاهم ما يتجاوز مئتي مليون دينار كويتي تقريباً.
مساهمته في إنشاء أول بنك إسلامي كويتي
التزم عبدالله المطوع يرحمه الله منذ اليوم الأول لادارة تلك الشركة بإخراج الزكاة والبعد عن الربا والصدق في المعاملة؛ إذ كانت لديه يرحمه الله قناعة تامة وجازمة بحرمة الربا، وكان يفخر أنه لم يتعامل قط بالربا مع البنوك أو غيرها، لذلك كان من أوائل المشجعين على تأسيس بنك إسلامي يتعامل وفق الشريعة السمحاء، فتعاون مع إخوانه في الخليج ووضع النظام الأساسي لفكرة إنشاء بنك دبي الإسلامي مع العم أحمد البزيع الياسين والسيد أحمد لوتاه رئيس بنك دبي عند التأسيس، ولما سمحت الحكومة الكويتية والبنك المركزي الكويتي بإنشاء بنك إسلامي، كان أول من وضع نظامه الأساسي وفكرته حيث كان الاجتماع الأول لفكرة إنشاء بيت التمويل الكويتي في مكتب المرحوم عبدالله العلي المطوع في شارع سالم المبارك بالمرقاب.
بعد أن أنشأ بيت التمويل الكويتي أودع يرحمه الله جميع أمواله بلا استثناء في «بيتك»، وقد كانت حينها مغامرة حقيقية في تجربة ناشئة فردية غريبة على الوسط الاقتصادي آنذاك، وهو ما يعد دليلاً على شجاعته وجرأته وثقته في الله.
أوجه الإحسان في حياته
كان العمل الخيري معلماً بارزاً وركيزة أساسية في حياة عبدالله المطوع يرحمه الله، فقد اتجه إليه على أنه واجب شرعي على كل من ملك ما ينفقه في سبيل الله، فاستجاب – كغيره من التجار – لهذا الواجب باعتباره من صميم تكوين المسلم الذي حذره النبي صلى الله عليه وسلم من الغفلة عن المحتاجين، بقوله: [ليس منا من بات شبعان وجاره جائع وهو يعلم].
بهذه الروح انطلق العم أبو بدر نحو العمل الخيري فكان من أبرز رجالاته بل لعله بالفعل – ودون مبالغة – الرجل الأبرز، محباً له ومنفقاً سخياً على جميع أوجه البر والخير، وكان يستقبل بمكتبه أصحاب الحاجات، ويسعى جاهدا إلى تلبية احتياجاتهم، حتى وصف بأنه أبو المساكين والأيتام، ووصفوا رحيله بأنّه يمثّل خسارةً كبيرة لمساكين وأرامل وأيتام العالم وللفقراء والجوعى، لأياديه البيض التي امتدّتْ بالعمل الخيري في كلّ مكان، ولقب رحمه الله في يوم وفاته بلقب «أمير العمل الخيري»، وقد تعددت وتنوعت أوجه الإحسان في حياته يرحمه الله فشملت ما يلي:
عمارة المساجد
عندما يرغب المسلم في مناجاة ربه والتقرب إليه لا يجد ملاذاً لذلك أفضل من بيت الله، فبدخوله تحل الرحمات وتنزل البركات، ويحصد الذاهبون إليه الحسنات، وتغشاهم ملائكة رب الأرض والسموات، وبناة المساجد يحبهم الله ويقربهم إليه زلفى، وقد صدق فيهم وعد النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: [مَنْ بَنى مَسْجِدًا يُذْكَرُ فِيهِ اسْمُ اللَّهِ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجنََّةِ] رواه ابن ماجه، ولهذا فقد حرص المحسن عبدالله العلي المطوع يرحمه الله على أن يكون له سهم وافر في هذا المجال وهو عمارة المساجد بيوت الله تعالى في الأرض، حيث تربو المساجد التي أسسها أو شارك في عمارتها على المئتي مسجد، نذكر منها بعض ما توافرت مادته التوثيقية فيما يلي:
مساجد في إندونيسيا عن طريق جمعية الإصلاح الاجتماعي.. إندونيسيا أكبر دولة إسلامية من حيث عدد السكان، وفي آخر تعداد يزيد عدد سكانها عن 225 مليونا 90 % منهم مسلمون، وجغرافياً هي عبارة عن أرخبيل من الجزر يصل عددها إلى أكثر من 13700 جزيرة، واستراتيجياً تتحكم إندونيسيا في مدخلي المحيطين الهادي والهندي اللذين أكدت الدراسات السياسية الحديثة أنهما يكوّنان المركزين الرئيسين لما يمكن تسميته بصياغة العالم الجديد.
ولذلك فقد أسس المحسن عبدالله العلي المطوع يرحمه الله عددا كبيرا من المساجد في جمهورية إندونيسيا وحدها، ويلتحق ببعضها غرف ومدارس لتحفيظ القرآن الكريم والعلوم الشرعية الأخرى، بإشراف مكتب جنوب شرق آسيا والشرق الأوسط بجمعية الإصلاح الاجتماعي.
مساجد في إندونيسيا عن طريق بيت الزكاة.. قام العم عبدالله المطوع يرحمه الله بتشييد 17 مسجداً في إندونيسيا بواسطة بيت الزكاة في الكويت، نكتفي بذكر أحدها نظراً إلى تشابه الأقاليم والتكلفة والسعة مع تلك المساجد السالفة الذكر.
مساجد في بنجلادش عن طريق جمعية الإصلاح الاجتماعي.. وهي ثالث أكبر بلد إسلامي من حيث عدد السكان بعد إندونيسيا وباكستان، وهي من أعلى الدول النامية من حيث الكثافة السكانية، وقد تعرضت للكثير من الفيضانات المدمرة والكوارث، وقد قام يرحمه الله بإنشاء العديد من المساجد والمدارس بهذا البلد بواسطة مكتب بنجلادش التابع للجنة الدعوة الإسلامية في جمعية الإصلاح الاجتماعي.
مساجد في قيريزستان عن طريق جمعية الإصلاح الاجتماعي.. جمهورية قيرغيزستان وعاصمتها بيشكيك، من دول جنوب شرق آسيا، ويزيد عدد سكانها على 5 ملايين نسمة، ونسبة المسلمين فيها 75 % أسس فيها يرحمه الله مسجدين، الأول شيد في مايو 2003 م بضواحي بيشكيك بتكلفة قدرها 7568 د.ك، ومساحته 90 م 2، ويتسع لـ 130 مصلياً، نفذه مكتب قيرغيزستان بقطاع آسيا وافريقيا. والآخر تأسس في كراسنايا ريتشكا، في أبريل 2001 م بتكلفة قدرها 9460 روبية باكستانية، بواسطة مكتب آسيا الوسطى في لجنة الدعوة الإسلامية بجمعية الإصلاح الاجتماعي.
مساجد في الهند عن طريق بيت الزكاة.. أسس يرحمه الله ثمانية مساجد في الهند عن طريق بيت الزكاة في
الكويت.
كفالة الأيتام
ما كان ليخفى على المحسن أبي بدر يرحمه الله الثواب العظيم لكافل اليتيم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: [َأَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجنََّةِ هَكَذَا وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا شَيْئًا]. رواه البخاري. ولذا أراد يرحمه الله أن يحظى بهذا الثواب العظيم وبصحبة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم في الجنة فكان يقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم في المسح على رأس اليتيم، وحرص على أن يكفل أكبر عدد ممكن من الأيتام فكفل يرحمه الله 485 يتيما بواسطة بيت الزكاة في الكويت.
تأسيس عدد من المدارس الإسلامية
حرص المحسن عبدالله المطوع يرحمه الله على دعم التعليم الإسلامي الذي يعمل على ترسيخ العقيدة وتهذيب الأخلاق وربط العبد بربه، بالإضافة إلى دوره في نهضة الأمة وتقدمها، ولذا فقد ساهم يرحمه الله في بناء العديد من المدارس في جميع أنحاء العالم الإسلامي، بالإضافة إلى كفالة عدد كبير من طلاب العلم، وإن لم نستطع حصرها لكثرتها، فقد كتب ذلك عنه كثير من الشهود في نعيهم له رحمه الله.
عطاء بلا حدود.. يقول الداعية الشيخ عبدالحميد البلالي – رئيس جمعية بشائر الخير:
التقيت أبي بدر عبدالله العلي المطوع يرحمه الله عام 1975 في بداية دراستي في بريطانيا، وكنت مبتعثاً من إحدى الجمعيات الخيرية في لندن لجمع المال لإكمال بعض المشاريع الإسلامية، ودخلت عليه مكتبه، وإذا به
يرحب ترحيب من يعرفني منذ أمد بعيد، ثم لم يكتف بإعطائي الدعم المالي، إنما وجهني لتجار آخرين لجمع المبلغ الذي كنا نحتاجه، ولم أكن وحدي في مكتبه بل كان هناك – كالعادة – آخرون داخل المكتب، وآخرون خارجه ينتظرون دورهم، وكل من أولئك يأخذ نصيبه.. ولا أتذكر أنه أعطى وفداً من الداخل والخارج أقل من خمسمئة دينار هذا في الساعة التي قابلته فيها، فكيف بالساعات التي سبقت لقائي به والساعات التي بعد اللقاء حتى العاشرة مساء أو ما بعدها! لقد كان حقاً عطاؤه بلا حدود.
بذل حتى آخر لحظة.. وهذه شهادة من الداعية الأستاذ جاسم المطوع رئيس قناة اقرأ الفضائية يقول فيها: قبل وفاته بنصف ساعة جاءه مريض يطلب المساعدة، وحاول مدير مكتبه بلطف أن يؤجل الدخول عليه إلا أن العم بو بدر طلبه واستمع لحاجته، ثم وقع له على مبلغ من المال لمساعدته والتفريج عن كربته، وآخر موقف حدث ونحن بالمستشفى وبقربنا العم بو بدر رحمه الله وأبناؤه حوله يدعون له عندما جاءت مكالمة من الإمارات من شخص يسأل عنه: هل وصل الكويت؟ لأنه وقع لي شيكاً بثلاثة آلاف دينار تبرعا منذ يومين وأريد أن آتي إلى الكويت لكي أصرفه .
سبع عمارات للإنفاق على الفقراء.. وهذه شهادة من الشيخ الداعية أحمد القطان عن العم أبي بدر يرحمه الله، يقول فيها: كنت معه في مجلس دار فيه حديث عن بعض المآسي والنكبات والكوارث التي أحلت ببعض المسلمين فتأثر وأصدر قراراً مباشراً بوقف سبع عمارات في سبيل الله لخدمة هؤلاء، وعندما ذهبت أصلي صلاة الظهر في المسجد، قال لي: اجلس معي يا شيخ أحمد حتى تشهد أنني أوقفت الآن سبع عمارات في منطقة الفروانية، وهي أكبر صفقة ربحت فيها خلال هذه السنة في البلد – تقدر بالملايين – للأرملة واليتيم والمسكين والفقير من الأمة العربية والإسلامية. وأضاف الشيخ القطان: رأيته أيضاً عن قرب يحيط به الفقراء والمساكين في المملكة العربية السعودية الشقيقة في كل صلاة، فيجلس على الكرسي في باحة المسجد في أبها القريب من بيته، هذا يقدم عريضته، وهذا يقدم مشروعاً للأيتام، وذاك يقدم مشروعاً لتحفيظ القرآن في اليمن أو مصر أو سورية أو لبنان، يتلقاهم الترحاب والابتسام.
بناء قرية لمشردي بورما.. وهذه شهادة من الداعية الشيخ الدكتور محمد العوضي يقول فيها: خسرناك أيها العم الكبير.. ما دخلت عليك مرة وبصحبتي محتاج أو مكروب إلا وأسعدتني بسد حاجته، وما عرضت عليك مشروعاً خيرياً إلا وكان لك السبق في البذل، وما زلت أذكر قبل ثلاث سنوات في شهر رمضان المبارك وقد كنت في منزل السيد أمين العطاس الرئيس الأسبق لرابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة، وجاء ذكرك عرضاً فتحول المجلس كله حديثاً عن فضلك الذي عم المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وذكر لنا العطاس أنه كان بصحبتك – أظن للاطلاع على أحوال المشردين البورميين – فلما رأى أبو بدر آلاف المشردين في العراء اشترى لهم قرية وبناها لهم.. أيها العم الرحيم.. قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم [الراحمون يرحمهم الرحمن]. لقد كنت قمة في الرحمة والشفقة، ولقد آن لي ولغيري أن يجهر ويخبر الأسر والعائلات وآلاف المحتاجين الذين يجهلون من أين تأتيهم المعونة، آن الأوان أن نقول لهم إنها من عند الرجل الصالح عبدالله العلي المطوع، لا لشيء ولكن ليخصوك بدعواتهم.
(عن موقع تاريخ الكويت) – www.kuwait-history.net
===
معرفتي بالأخ الكريم والخل الوفي أبي بدر – يرحمه الله- ومرافقتي له لأكثر من نصف قرن تجعلني أعجز عن الحديث عن هذا الرجل الفذ والنموذج الصادق للمسلم العامل والمؤمن المتوكل على الله والذي يبذل الروح والمال في سبيل العقيدة والذي يحرص على تحقيق معاني الأخوة الإسلامية مع كل إخوان العقيدة حيثما كانوا وأينما وجدوا.
ولقد كان هذا الجهد الطيب الذي ينهض به أبناء الفقيد وإخوانه وجموع محبيه وعارفي فضله ولو جزء يسير من سيرته الطيبة من خلال الكلمات التي قيلت ونشر بعضها ، هو بعض الوفاء للفقيد الذي امتدت آثاره ومآثره إلى أبناء العالم العربي والإسلامي بل والعالم كله ، ولن تستطيع الكلمات المسطرة ولا الأحاديث الطويلة أن توفي الفقيد حقه .
وسيظل عبد الله العلي المطوع خالد الذكر عند الناس مأجوراً عند الله إن شاء الله ، إن معرفتي له عن قرب تجعلني لا أتردد في القول بأنه كان من أولياء الله الصالحين الذين يراقبون الله فيما يقولون ويفعلون ويستعلون بإيمانهم على كل بهارج الدنيا رغم توسعة الله له بالمال الوفير الذي جمعه من الحلال وأنفقه في الحلال فكان نعم المال الصالح للرجل الصالح نحسبه كذلك ولا نزكيه على الله .
وإن ما قام به من الأعمال التي في السر دون أن يعلمه أقرب المقربين إليه أكبر من أن يحيط بها أمثالي فالله غايته والجنة مطلبه .
ونرجو الله للفقير الرحمة والمغفرة ، وللقائمين على إصدار هذا السفر النفيس السداد والتوفيق والحمد لله رب العالمين .
بقلم المستشار/عبد الله العقيل
(عن موقع عبدالله العلي رحمه الله) – www.almtoa.com