بسم الله الرحمن الرحيم
الجزء السادس
والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد فهذا الجزء السادس من الملتقطات أهديه لإخواني المسلمين راجيا منهم القبول.
من التفسير
قال الله تعالى: {وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين} أي لا تعتدوا على النساء والصبيان ولا على من كف يده عن قتالكم من غير المسلمين كالرهبان والشيبان والعجزة فتدبر أيها القارىء الكريم بما يجري بين المسلمين من التقاتل بلا سبب يوجب ذلك بل لمطامع دنيوية. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [إذا التقى المسلمان بسيفهما فالقاتل والمقتول في النار] زد على هذا ما يجري من بعض الرؤساء على أهل الوطن من القتل بلا سبب كما فعل عبد الكريم قاسم بأهل العراق من قتل الأبرياء فقد أيتم الأطفال وأرمل النساء ولم يكتف بذلك بل سولت لنه نفسه الخبيثة غزو دولة مجاورة. لها من الأعمال الإنسانية ما يعجز القلم عن حصره وقد مضى عليها ثلاثة قرون وهي في أحسن حال مع العراق وجميع البلاد العربية ولكن عبد الكريم لما أفلس سال لعابه لمالية الكويت وحصل له من الحثالة الساقطة من غره وزين له عمله وقالوا له أنت الرئيس الأوحد وستخضع لك جميع العرب فاغتر بما حصل له من الثناء الكاذب ولم يعلم بأن الله ليس بغافل عن ما يعمل الظالمون وأنه يمهل للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته وسلط عليه رجال الثورة المباركة وأسقطته من عرشه ذليلا مهانا يلتمس منهم العفو مع إبعاده وهيهات أن تسمع كلمة من لا كلمة له إلا الخداع والحيلة من الإطراء والثناء عليه بعلمه وفضله.
خدعوك يا عبد الكريم بقولهم أنت الزعيم الأوحد العالم
والحق أنك أحمق بل جاهل مستكبر مستهتر بل ظالم
وبنيت على قول زهير:
وفي كل أسواق العراق أتاوة وفي كل ما باع امرؤ مكس درهم
ولم يقتنع عبد الكريم بمكسها فحاول أخذ الغصب بالسفك للدم
ولم يدر أن الله ليس بغافل عن الظالمين الماكرين بمسلم
لهذا تراه خيب الله سعيه ولم يستفد غير الشقا والتندم
الذين يؤمنون بالغيب
فالغيب ما استتر واحتجب وخفي كالإيمان بذات الله وملائكته والجنة والنار والعرش والكرسي المحفوظ.
{يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم} فالعهود في كتاب الله كثيرة وفيها خلاف بين المفسرين ويقول السيد قطب في تفسيره يجمعها عهد واحد في صميمها وهو أن العهد بين الله وعباده أن يصفوا قلوبهم إليه وأن يسلموا أنفسهم كلها إليه فهذا هو الدين الواحد وهذا هو الإسلام الذي جاء به الرسل.
{وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون}.
قال ابن جرير أصل الصاعقة هي كل أمر هائل رآه أو أصابه حتى يصير من هوله إلى هلاك وعطب وإلى ذهاب عقل أو فقد بعض آلات الجسم ومما يدل على أنه قد يكون مصعوقا وهو حي غير ميت قوله تعالى{وخر موسى صعقا}يعني مغشيا عليه.
من الحديث
عن ابن عباس رضي الله عنه قال: [قال رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم أي العمل أحب إلى الله ورسوله فقال: الحال المرتحل، قال فما الحال والمرتحل قال الذي يغرب من أول القرآن إلى آخره كلما حل ارتحل]. ومعنى الحديث الذي يبتدئ بأول القرآن ويختمه ثم يبتدئ ويختمه.
من الفقه
الماء إما طاهر مطهر وإما نجس والمستعمل والمتغير بشيء كالزعفران وما أشبه فهو طاهر مطهر.
من نسي وصلى بثوب نجس أو على بدنه نجاسة ونسيها أو جهل ذلك ولم يعلم به حتى فرغ من صلاته صحت صلاته بالجميع. وإذا أصابك شك في شيء هل هو حلال أو حرام فالأصل فيه الإباحة،أو شككت في ماء هل هو طاهر أو نجس فهو طاهر لأن الأصل في الأشياء الطهارة.
انتهى عن الإرشاد للشيخ عبد الرحمن السعدي.
من التاريخ
عن كتاب العبر للذهبي
هاجر النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة ودخلها في يوم الاثنين في الثاني عشر من ربيع الأول، وفي السنة الثانية من الهجرة غزوة بدر،في السابع عشر من رمضان وقد استشهد فيها من المسلمين أربعة عشر وقتل من المشركين سبعون، وفيها فرض الصوم وفيها صام الناس رمضان، وفيها تزوج سيدنا علي بفاطمة رضي الله عنها. وفي السنة الثالثة من الهجرة ولد الحسن رضي الله عنه وفيها وقعة أحد واستشهد من المسلمين سبعون منهم سيدنا حمزة رضي الله عنه.
من الشعر
أعلم أن الشعراء الذين دافعوا عن الإسلام في أول ظهوره هم حسان بن ثابت، وكعب بن مالك وعبدالله بن رواحة، وشعراء الجاهلية أربعة هم: امرؤ القيس وزياد بن معاوية المعروف (بالنابغة) وزهير بن أبي سلمى وميمون بن قيس بن جندل المعروف (بالأعشى).
(من معلقة زهير بن أبي سلمى):
فمن يك ذا فضل ويبخل بفضله على قومه يستغن عنه ويذمم
ومن هاب أسباب المنايا ينلنه وإن يرق أسباب السماء بسلم
ومن لم يذد عن حوضه بسلاحه يهدم ومن لا يظلم الناس يظلم
ومهما تكن عند امرئ من خليقة وإن خالها تخفى على الناس تعلم
أقول قوله (ومن لا يظلم الناس يظلم) لا يسلم بل العادل هو الذي يسلم من ظلم العباد وهذا مثل قول الشاعر:
إذا لم تكن ذئبا على الأرض أطلسا كثير الأذى بالت عليك الثعالب
وقد سمعت هذا البيت يتمثل به بعض الظلمة المعتدين على الناس.
قال ابن جرير:
إذا أعسرت لم يعلم رفيقي وأستغني فيستغني صديقي
حيائي حافظ لي ماء وجهي ورفقي في مطالبتي رفيقي
ولو أني سمحت ببذل وجهي لكنت إلى الغني سهل الطريق
ولبعضهم:
قالوا فلان عالم فاضل فأكرموه حسب ما يقتضي
فقلت لما لم يكن عاملا تعارض المانع والمقتضي
وللمؤلف:
للأجنبي مطامع في مالكم فتنبهوا لا تخدعوا بطلاسمه
يبدي لكم نصحا أحيط بمكره فإذا تكشف قال لست بعالمه
إسحاق الموصلي
اشتهر إسحاق بالغناء والحال أنه عالم بالفقه والحديث وعلم الكلام واللغة والشعر وأيام الناس، وكان يسخط على شهرته بالغناء وقد دخل على القاضي يحيى بن أكثم فأخذ يناظر أهل الكلام والفقه والشعر واللغة ويتفوق عليهم ثم التفت إلى القاضي فقال له: لماذا اشتهرت بالغناء مع ما لدي من العلوم فالتفت القاضي إلى العطوي وقال له عليك الجواب وكان العطوي ماهرا في الجدل فقال العطوي لإسحاق هل أنت في النحو كالفراء والأخفش فقال: لا. ثم قال له هل أنت في اللغة والشعر كالأصمعي وأبي عبيدة فقال: لا. ثم قال له هل أنت في علم الكلام كالهذيل والعلاف فقال له: لا. ثم قال له هل أنت في الفقه كالقاضي يحيى فقال: لا. ثم قال له هل أنت في الشعر كأبي العتاهية وأبي نواس فقال: لا. فقال له فمن ها هنا نسبت إلى ما نسبت إليه من الغناء لأنه لا نظير لك في الغناء وأنت في غيره دون رؤسائه فقال القاضي يحيى للعطوي: لقد أوفيت الحجة وفيها ظلم قليل لإسحاق لأنه مما يقل نظيره.
وعلى هذا أقول:
هل مثل إسحاق فيكم يا مغنينا وهل لنا مثل يحيى في نوادينا
ليصلح الحال بين العرب أجمعهم ويجعل الدين حكما ماضيا فينا
ونستريح من أسماء قد ابتدعت ففرقتنا كما أودت بماضينا
مصير الأرواح بعد الموت
قال الله تعالى: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون}.
روى ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال [لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر ترد أنهار الجنة وتأكل من ثمارها وتأوي إلى قناديل من ذهب في ظل العرش] وأما أرواح المؤمنين فقد ورد عن الإمام أحمد بأن المؤمن تكون روحه في الجنة تسرح فيها وتأكل من ثمارها وتشاهد ما أعد الله لهم من الكرامة. (عن الجزء الرابع من تفسير القاسمي).
والله يقول {ومن يأته مؤمنا قد عمل الصالحات فأولئك لهم الدرجات العلى. جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء من تزكى}.
من التاريخ
كشف سد بمقربة من مدينة ترمذ عرف بباب الحديد، وقد مر به في أوائل القرن الخامس عشر العالم الألماني (سيلي برجو) وسجله في كتابه. وكذلك ذكره المؤرخ الأسباني (كلافيجو) في رحلته سنة 1403م وقال أنه سد مدينة الحديد على طريق (سمر قند) وقد يكون هو السد الذي بناه ذو القرنين. ورد في حديث عن زينب بنت جحش زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت [استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم من نومه وهو محمر الوجه وهو يقول: ويل للعرب من شر قد اقترب فتح من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذا وحلق بين إصبعيه السبابة والإبهام فقلت يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون فقال نعم إذا كثر الخبيث].
ويقول السيد قطب كانت هذه الرؤيا منذ أكثر من ثلاثة عشر قرنا ونصف وقد وقعت غارة التتار بعدها، ودمرت ملك العرب بتدمير الخلافة العباسية على يد هولاكو بخلافة المستعصم آخر العباسيين وقد يكون هذا تفسيرا لرؤيا الرسول صلى الله عليه وسلم وعلم ذلك عند الله.
وكل ما نقول ترجيح لا يقين عن تفسير السيد قطب.
التفسير
{يا أيها الذين آمنوا لا يضركم من ضل إذا اهتديتم}.
تحمل الآية على من لا يقدر على القيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو أنه لا يظن التأثير أو يخشى الضرر على نفسه – انتهى عن الشوكاني.
{إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون}.
أمر الله بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى ونهى عن الفحشاء والمنكر والبغي وقد أطال المفسرون بتفسير هذه الآية فعن عبد الملك بن عمير، أن هذه الآية لما بلغت أكثم بن صيفي حكيم العرب قال إني أراه يأمر بمكارم الأخلاق وينهى عن رذائلها ثم قال لقومه “كونوا في هذا الأمر رؤساء ولا تكونوا أذنابا، وكونوا فيه أولا ولا تكونوا آخرا”.
في الحديث
[إن رجلا يداين الناس ويقول لفتاه: إذا أتيت معسرا فتجاوز عنه لعل الله يتجاوز عنا فلقي ربه فتجاوز عنه]. (رواه البخاري).
حديث
[آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أؤتمن خان]. (رواه البخاري ومسلم).
حديث
[انصر أخاك ظالما أو مظلوما، قيل كيف ننصره ظالما قال تحجزه وترده عن الظلم فإن ذلك نصره]. (رواه البخاري).
حديث
[من لم يرحم صغيرنا ويعرف حق كبيرنا فليس منا]. (رواه البخاري).
من الشعر
طرقت باب الرجا والناس قد رقدوا وبت أشكو إلى مولاي ما أجد
وقلت يا أملي في كل نائبة ومن عليه بكشف الضر يعتمد
أشكو إليك أمورا أنت تعلمها مالي على حملها صبر ولا جلد
وقد مددت يدي بالذل ممتهنا إليك يا خير من مدت إليه يد
فلا تردنها يارب خائبة فبحر جودك يروي كل من يرد
وحبب أوطان الرجال إليهم مآرب قضاها الشباب هنالكا
إذا ذكروا أوطانهم ذكرتهم عهود الصبا فيها فحنوا لذلكا
لا تدخلنك ضجرة من سائل فلخير دهرك أن ترى مسئولا
لا تجبهن بالرد وجه مؤمل فبقاء عزك أن ترى مأمولا
(تهنئة المؤلف لصاحب السمو الشيخ عبد الله السالم)
في عيد الاستقلال
أهنيك في عيد التحرر كلما بدأ طالع للشمس في كل مشرق
وأرجو لك التوفيق ما دمت سالما تقوم بعدل في البلاد وتتقي
وإني أهني الشعب فيك لأنه يرى أنك الماء الذي منه يستقي
فدم يابن سالم حافظا لكويتنا وحامي حماها من حدود ومرفق
جواب صاحب السمو
لك الشكر يا رمز الوفاء على المدى ويا طوده العالي على المتسلق
لقد ملأ الإخلاص نفسا أبية بجنبيك لم تعرف سبيل التملق
وكنت أبا عيسى على الخير هاديا تذود عن الأخلاق في كل مرفق
فلا زلت مختالا بأكمل صحة تحلق في جو الهناء وترتقي
للجرجاني
ولم أقض حق العلم إن كان كلما بدا طمع صيرته لي سلما
ولو أن أهل العلم صانوه صانهم ولو عظموه في النفوس لعظما
ولكن أهانوه فهانوا ودنسوا محياه بالأطماع حتى تجهما
من التفسير
{يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول}. لما أمر الله سبحانه القضاة والولاة أن يحكموا بين الناس أمرهم أن يحكموا بالعدل وأمر الناس بطاعتهم بامتثال الأوامر واجتناب النواهي. وإطاعة الله ورسوله هي فيما أمر به ونهى عنه، وأولو الأمر هم الأئمة والسلاطين والقضاة وكل من كانت له ولاية شرعية والمراد بطاعتهم فيما أمروا به ونهوا عنه شرعا ما لم يأمروا بمعصية كما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
من التفسير
{وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعاني فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون}.
وفي حديث مسلم: [ما من عبد يدعو الله بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله إحدى ثلاث: أما أن يعجل له دعواه وأما أن يؤخرها له في الآخرة وأما أن يكف عنه من السوء مثلها].
{هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر المتشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به}.
فالآيات المحكمات هي التي يعرف معناها ولا تحتاج لتفسير مثل قوله تعالى: {أن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء} ومعنى قوله هن أم الكتاب هي أصله الذي يرجع إليه في الأحكام ويرجع إليه في الحلال والحرام ويرد إليه ما تشابه من آياته وأشكل من معانيه والمتشابهة هو ما استأثر الله بعلمه، كوقت قيام الساعة وحقيقة الروح، والحروف التي في أوائل السور مثل ألم، ألر، طسم: انتهى عن تفسير مخلوف.
من الفقه
يجوز للرجل لبس خاتم الفضة ويجوز له من الذهب والفضة ما دعت إليه الحاجة من أنف ورباط الأسنان وتحلية السيف.
يجب على الإنسان الاتفاق على الحيوانات التي في ملكه وإذا قصر عليها أو لم ينفق عليها فهو آثم.
تجب نفقة الزوجة بعد الدخول عليها عملا بقوله تعالى: {لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله} وإذا عجز الزوج عن الإنفاق على زوجته فالحكم عند أبي حنيفة أن النفقة لا تسقط عنه بل تنفق هي من مالها إن كان عندها مال ويكون ذلك عليه دينا. وعند الأئمة الثلاثة ترفع أمرها إلى الحاكم وتطلب التفرقة ولها الحق بذلك ويطلقها الحاكم طلاقا رجعيا إذا امتنع الزوج عن طلاقها.
سؤال
في بداية المجتهد في حكم المرأة إذا أرضعت كبيرا أو كبيرة هل يكون الرضاع مثل حكم الصغير في وقت الإرضاع بحيث تكون المرضعة أمه؟
الجواب: اختلفوا في إرضاع الكبير فقال مالك وأبو حنيفة وكافة الفقهاء أن إرضاع الكبير لا يحرم وذهب داود الظاهري وأهل الظاهر أنه يحرم وهو مذهب عائشة رضي الله عنها.
حكم المفقود
مذهب عمر وغيره من الصحابة هو أن الزوجة تتربص أربع سنين من حين فقده ثم تعتد عدة الوفاة وبعد قضاء العدة يجوز لها الزواج وهي زوجة الثاني ظاهرا وباطنا. وإذا قدم زوجها الأول بعد تزويجها خير بين امرأته وبين مهرها (راجع الاختيارات).
تجوز الإجارة بلا تحديد مدة إذا كانت العين المؤجرة باقية (عن المغني).
ولا يشترط في الإجارة أن تلي العقد فلو أجرت البيت في أول شهر محرم والعقد في شهر شوال صحت الإجارة وكل ما جاز أن يكون ثمنا بالبيع جاز أن يكون أجرة ولهذا جاز أن يكون العوض عينا ومنفعة كمنفعة دار بمنفعة دار أخرى ومنفعة دار بمنفعة خادم وقد زوج شعيب ابنته بأجرة ثمانية حجج.
فوائد ولطائف
قال عمر بن عبد العزيز لم أر ظالما أشبه بالمظلوم من الحاسد.
المنافق هو الذي يستر كفره ويظهر إيمانه. الشاهد :
أبا منذر رمت الوفاء فهبته وحدت كما حاد البعير من الدخص
الدحض: هو الزلق.
لدعبل الخزاعي:
يموت رديء الشعر من قبل أهله وجيده يبقى وإن مات قائله
روى أبو يوسف في كتاب الخراج أن السفراء والرسل المبعوثين في مسائل سياسية لا تقام عليهم الحدود المتعلقة بحدود الله كالزنا وشرب الخمر ولكن يقام عليهم ما كان من حقوق الآدميين كأخذ المال والتعدي.
كان بلال رضي الله عنه عبدا لبعض بني جمح فكان أمية بن خلف يخرجه وقت الظهر إذا حميت الشمس ويأمر بصخرة كيرة توضع على صدره ويقول له لا تزال هكذا حتى تكفر بمحمد وتعبد اللاة والعزى ويجيبه بلال: أحد، أحد، ثم اشتراه أبو بكر فأعتقه. وكان بنو مخزوم يخرجون بعمار بن ياسر وأبيه وأمه رضي الله عنهم إذا الشمس حميت، فيمر بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول لهم صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة وقد أسر عبد الله بن حذافة السهمي فجيء به إلى ملكهم فقال له أزوجك ابنتي إذا تنصرت فأجابه لو أعطيتني جميع ما تملك على أن أرجع عن دين محمد ما رجعت فقال له إذن نقتلك فقال: “أنت وذاك فأمر به وصلب”.
من التاريخ
القرون الأولى هي المدة التي مرت بأول حضارة عالمية حتى سقطت دولة روما.
القرون الوسطى: هي المدة من سقوط روما إلى القرن الخامس عشر ميلادي.
القرون الجديدة: من القرن الخامس عشر إلى يومنا هذا.
التاريخ العام: هو الذي يذكر أحوال الأمم كلها والتاريخ الخاص هو الذي يذكر أحوال أمة واحدة.
من الحديث
عن عبد الله بن مسعود أنه دخل على زوجته وفي عنقها شيء معقود فجذبه وقطعه ثم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: [إن الرقي والتمائم والتولة شرك].
فالتولة شيء تضعه النساء ليتحببن به إلى أزواجهن ونحن نسميه الآن الطيب والتميمة نسميها جامعة. ونعلقها على الصبيان خوفا من العين والشياطين، والرقي هو القراءة على الشخص بشيء ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم.
حديث: [مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى].
حديث: روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [إن لله عبادا ما هم بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة بمكانتهم من الله] قيل: من هم يا رسول الله؟ قال: [هم قوم تحابوا بروح الله على غير أرحام تربطهم ولا أموال يتعاطونها والله إنهم لنور وإنهم لعلى نور لا يخافون إذا خاف الناس ولا يحزنون إذا حزن الناس ثم تلا قوله تعالى: {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون}].
قال الله تعالى: {والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم}.
وفي الحديث عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [من أدى زكاة ماله فليس بمكنز] ومعنى الحديث أن الذي يخرج زكاة ماله لا تشمله الآية الكريمة.
المشركات المحرم نكاحهن
ذكر السيد رشيد في تفسيره الجزء السادس ما يأتي: “إن المشركات اللاتي حرم الله نكاحهن في سورة البقرة هن مشركات العرب وهذا القول رجحه ابن جرير الطبري وإن المجوس والصابئة ووثني الهند والصين وأمثالهم كاليابان هم أهل كتب مشتملة على التوحيد إلى الآن والظاهر من التاريخ ومن بيان القرآن أن جميع الأمم بعث فيهم رسل وأن كتبهم سماوية طرأ عليها التحريف كما طرأ على كتب اليهود والنصارى التي هي أحدث عهدا في التاريخ وأن المختار عندنا أن الأصل في النكاح الإباحة ولذلك ورد النص بمحرمات النكاح، وأن قوله تعالى بعد بيان محرمات النكاح: {وأحل لكم ما وراء ذلك} يفيد حل نكاح نسائهم فليس لأحد أن يحرمه إلا بنص ناسخ للآية أو مخصص لها.
{قل لا أملك لنفسي ضرا ولا نفعا إلا ما شاء الله} وإليك ما يقوله الشوكاني.
يقول الشوكاني باختصار: “أي لا أقدر على جلب نفع أو ضر لنفسي فكيف أملك ذلك لغيري وفي ذلك أبلغ زاجر لمن صار ديدنه الاستغاثة برسول الله عند الشدة ويدع رب العالمين الذي بيده كل شيء فهذا سيد ولد آدم وخاتم الأنبياء يأمره الله بقوله: {قل لا أملك لنفسي ضرا ولا نفعا} فكيف يملك لنفسه النفع، فيا عجبا لقوم يعكفون على قبور الأموات تحت أطباق الثرى يطلبون منهم الحوائج التي لا يقدر عليها إلا الله فكيف لا ينتبهون لما حل بهم من الشرك والمخالفة لمعنى (لا إله إلا الله) وأعجب من هذا اطلاع أهل العلم عليهم ولا يزجرونهم عن هذا الشرك، فأهل الجاهلية يعترفون بأن الله هو الخالق الرزاق دائما ويجعلون أصنامهم شفعاء عند الله ويقولون ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.
حكم التسعير شرعا
التسعير جائز للمصلحة مثاله أن يقل الطعام في البلاد ويزيد التجار في قيمته بما يضر الفقير أو يعجزه عن مشتري الطعام فيسعر الحاكم للطعام قيمة معقولة لا تضر المشتري ولا البائع وقد طلب من النبي صلى الله عليه وسلم بأن يسعر في زمانه قال: [الله هو المسعر].
نسخ الآية بالسنة
قال ابن عبد البر: معاذ الله أن يخالف رسول الله كتاب الله بل إن الرسول صلى الله عليه وسلم يبين مراده وجميع ما يدعى من أن السنة تنسخ القرآن فهو غلط.
هل يؤاخذ الشاعر بما قال من شعر؟
فالجواب لا يؤاخذ لأن الله يقول: {وأنهم يقولون ما لا يفعلون}.
وإن عمر رضي الله عنه استعمل النعمان بن عدي على ميسان من أرض البصرة وكان يقول الشعر فقال:
ألا هل أتى الحسناء أن خليلها بميسان يسقي في زجاج وحنتم
لعل أمير المؤمنين يسوءه تنادمنا بالجوسق المتهدم
فلما بلغ عمر ذلك قال أي والله ليسوءني، فعزله عن منصبه فلما قدم النعمان على عمر بمكة فقال والله يا أمير المؤمنين ما شربتها، فلم يقم عليه الحد.
فوائد ولطائف
الناس كلهم هلكى إلا العالمين المخلصين. وقال عمر رضي الله عنه إن أخوف ما أخاف على هذه الأمة المنافق العليم وهو العليم باللسان جاهل القلب والعمل.
من كلام للدكتور (هنري لنك)
الدين هو الإيمان بوجود قوة تعتبر مصدرا للحياة وهذه القوة هو قوة الله مدبر الكون وخالق السماوات. الدين هو الاقتناع بالدستور الخلقي السماوي سنة الله في كتبه المتعاقبة وإن هذا التعليم الإلهي أثمن كنز نغترف منه الحقائق الدينية (وهي أسمى في مزاياها من جميع العلوم الإنسانية).
إذا حلف الإنسان اليمين بأن لا يكلم زيدا أو لا يدخل بيتا أو لا يأكل كذا فهذا الحلف يؤثر على ما حلف. بل عند الإمام أبي حنيفة وأحمد أن عليه كفارة اليمين وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم فهو مخير فإن عجز فعليه صيام ثلاثة أيام والراجح أن ما عليه شيء: {ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس} معنى الآية لا تجعل حلفك بالله مانعا للأعمال الطيبة مثل إذا طلب منك أن تصلح بين اثنين حلفت أنك لا تصلح بينهما أو أي عمل طيب طلب منك فتحلف أنك ما تفعله بل عليك أن تفعله وتكفر عن يمينك.
من التفسير
ذكر ابن جرير عند قوله تعالى: {ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين} عن مجاهد أنه قال ما مسخت صورهم ولكن مسخت قلوبهم فشبهوا بالقردة كما مثلوا بالحمار بقوله تعالى: {كمثل الحمار يحمل أسفارا} انتهى عن الجزء الأول من تفسير المنار.
أوصى الله بالجار بقوله تعالى: {والجار ذي القربى والجار الجنب} أي الجار الملاصق والجار البعيد، وفي الحديث: [ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه] وفي الحديث أيضا: [لا يؤمن بالله لا يؤمن بالله فقالوا من يا رسول الله؟ قال الذي لا يأمن جاره بوائقه]. أي شره.
من الفقه
ليس للأب إجبار بنت بلغت تسع سنين بكرا كانت أو ثيبا فهذه رواية عن الإمام أحمد اختارها أبو بكر وإذا تعذرت الولاية في النكاح انتقلت إلى أصلح من يوجد ممن له نوع ولاية من غير النكاح كرئيس القرية أو أمير القافلة.
إن النكاح مع الإعلان يصح عقده وإن لم يشهد شاهدان عند مالك وقال أبو حنيفة ينعقد نكاح المرأة الحرة البالغة برضاها وإن لم يعقد عليها ولي بكرا كانت أو ثيبا.
للمرأة عند أبي حنيفة أن تلي عقد النكاح لنفسها أو لغيرها ولها أن تأذن لغير وليها في تزويجها.
اختلفت الأئمة في حنين المرأة إذا ضربت وسقط جنينها فقال أبو حنيفة ومالك لا ضمان لأجل الجنين وعلى من ضربها دية كاملة إذا ماتت وقال الشافعي وأحمد عليه دية في المرأة وغرة في الجنين وهي تساوي عشر دية المرأة ويؤيد قول الشافعي وأحمد ما ورد في الصحيحين أن رسول الله قضى لذلك بجنين امرأة من بني لحيان.
القائلون بأن الطلاق الثلاث لا يقع بل يقع واحدة هم أبو موسى وابن عباس وطاووس وعطا وجابر والهادي والقاهر والناصر والباقر وأحمد بن عيسى وعبد الله بن موسى ورواية عن علي كرم الله وجهه ورواية عن زيد بن علي وإليه ذهب ابن تيمية وابن القيم وجماعة من أهل العلم راجع (الدرر المضيئة للشوكاني) من قال والله لا أكلم زيدا ولا أدخل بيت فلان ثم دخل ذلك ناسيا فالحكم الصحيح أن ما عليه شيء لأنه معذور بالنسيان وفي الحديث: [رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه]
(جواب عبد الله بن جعفر لملك الحبشة لما سأله عن دين محمد):
قال أيها الملك كنا قوما في جاهلية نعبد الأصنام ونأكل الميتة ونأتي الفواحش ونقطع الأرحام ونسيء الجوار ويأكل القوي الضعيف حتى بعث الله رسولا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه ودعانا إلى توحيد الله ونخلع ما كنا عليه نحن وآباؤنا من الأصنام والحجارة وأمرنا بصدق الحديث والأمانة وصلة الرحم وحسن الجوار والكف عن المحارم والدماء ونهانا عن الفواحش وقول الزور وأكل مال اليتيم وقذف المحصنات وأمرنا أن نعبد الله ولا نشرك به شيئا وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام.
الطهارة
الطهارة تكون بالماء كتطهير الثوب من النجاسة وتكون من الأعمال الخبيثة كقوله تعالى: {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا}.
يجوز الاستنجاء بالحجر ولو تعدى الخارج صفحتي الدبر وحشفة الذكر ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم تقدير بذلك. سلس البول ودم الاستحاضة لا ينقض الوضوء وهذا مذهب مالك، والنوم لا ينقض الوضوء مطلقا إن ظن بقاء طهارته، ولا يجب الوضوء من مس المرأة بغير شهوة ولا يستحب.
وتطهر الأرض المتنجسة بالريح والشمس إذا لم يبق أثر للنجاسة وهو مذهب الحنفي وبول ما أكل لحمه من الحيوان وروثه طاهر ولم يذهب أحد من الصحابة إلى نجاسته ومني الآدمي طاهر وهو مذهب الشافعي والظاهر من مذهب أحمد.
من التفسير
{يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم} فالمراد به النصرة أي لا تنصرهم ولا تنتصر بهم من دون المؤمنين ويقول ابن جرير إن من تولاهم ونصرهم على المؤمنين فهو من أهل دينهم وفي الحديث عن عبادة بن الصامت قال لما حاربت بنو قينقاع رسول الله صلى الله عليه وسلم تشبث بأمرهم ابن أبيّ المنافق وقام دونهم ومشى عبادة بن الصامت إلى رسول الله وتبرأ إلى الله ورسوله من حلفهم وفي عبد الله بن أبيّ نزلت هذه الآية: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء} الآية.
الأزهر
يقول محمد الغزالي في كتابه (الإسلام والطاقات المعطلة) إذا كان التصوف تطرق إليه فساد كبير ونشأت عنه مناكر شنعاء فإن غيره من علوم الدين واللغة لم تسلم من هذا الفساد وإن علم الكلام الذي يدرس في الأزهر سقيم المنهج قليل الجدوى وعلم الفقه كما يؤخذ عن كتبه من عدة قرون ليسيء إلى الدين أكثر مما يحسن. وتصديقا لقول الغزالي أقول لما عدت من الاحساء أنا وزميلي المرحوم الشيخ أحمد ابن الشيخ خالد العدساني كان رأيه أن يتوجه إلى مصر ليزداد علما وأنا رأيت أن أتوجه إلى مكة المشرفة لأداء فريضة الحج وأتزود من العلم وسافرت إلى مكة في سنة 1323هـ وسافر الشيخ أحمد إلى مصر وبعد وصولي إلى مكة أخذت أحضر دروس المشايخ في الحرم وأحسن ما رأيت دروس الشيخ اشعيب المغربي فكنت أحضر لدروسه في الحرم في متن ألفية ابن مالك وصحيح البخاري وطلبت منه درسا في المنطق فقال لا أتمكن في الحرم إلا إذا أتيت إلى بيتنا فكنت أذهب إلى بيته حتى أكملت شرح (السلم) وبعد إقامتي في مكة نحو أربعة أشهر عدت إلى محلي بالمدرسة فإذا بزميلي الشيخ أحمد جالس وبعد السلام سألته عن السبب في ترك دروس الأزهر فقال لا تصلح ولا فيها ثمرة ينقضي الدرس كله في تقارير باردة مثل. لو قال المؤلف كذا لكان أصلح من كذا. وهكذا ليظهر المدرس مقدرته في حلقة الدرس ولا يسأل الطالب عن درسه ليعرف اجتهاده من تقصيره.
من التفسير
{ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون} إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض من فروض الكفاية ومعنى فرض الكفاية هو الذي إذا قام به البعض سقط الإثم عن الباقين وإن تركه الجميع فهم آثمون وأكبر مسئولية في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تقع على الأمراء والعلماء ومجلس الأمة ومجلس البلدية.
{يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى}.
القسط هو العدل ولا يجرمنكم شنآن قوم أي لا يحملنكم بغض قوم على أن لا تعدلوا بل اعدلوا فالعدل هو أقرب لتقوى الله: {يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم} لما توفي رسول الله ارتد العرب إلا ثلاثة مساجد مسجد مكة ومسجد المدينة ومسجد جواثا بني عبد القيس بالاحساء وقالوا الذين ارتدوا نصلي الصلاة ولا نؤدي الزكاة فقاتلهم أبو بكر رضي الله عنه حتى أدوا الزكاة.
من التفسير
{ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم} ادفع السيئة إذا جاءتك من المسيء بأحسن ما يمكنك وقابل الإساءة بالإحسان والذنب بالعفو والغضب بالصبر وبالسلام والمصافحة لمن يعاديك فإذا فعلت ذلك صار عدوك كأنه ولي حميم أي كالصديق المحب.
إصلاح ذات البين
في الحديث: [ألا أخبركم بأفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة قالوا بلى يا رسول الله قال إصلاح ذات البين فإن فساد ذات البين هي الحالقة ولا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين] رواه أبو داود والترمذي وقال حديث صحيح.
من التفسير
قال الله تعالى: {وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين} قرأ ابن عباس: {طعام مسكين} واختلف العلماء في هذه الآية فمنهم من قال أنها منسوخة وإنما كانت الرخصة في أول الإسلام ثم نسخت هذا قول الجمهور وبعضهم قال الآية في حق الشائب والعجوز إذا كانا لا يطيقان الصيام. عن الشوكاني.
هل قيام الليل في الصلاة منسوخ؟
رجح الشوكاني نسخه في حق النبي وأمته واستدل بقول السائل لرسول الله صلى الله عليه وسلم هل عليّ شيء غيرها أي الصلوات الخمس فقال له النبي لا إلا أن تتطوع.
من التفسير
{إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل} لما فتح النبي مكة وقبض مفتاح الكعبة من عثمان بن طلحة نزلت هذه الآية تشمل ولاة الأمر وغيرهم برد الأمانة إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل وهو الحكم بما في كتاب الله وسنة رسوله وإذا لم يجد الحاكم دليلا من الكتاب والسنة يجتهد بتحري الكتاب والسنة ويحكم باجتهاده.
من أخلاق النبي
قال ابن كثير من أخلاق النبي أنه جميل البشرة دائم البشر يداعب أهله ويتلطف بهم ويواسيهم بالنفقة ويضاحك نساءه حتى أنه كان يسابق عائشة ويتودد إليها بذلك قالت عائشة سابقني رسول الله فسبقته وذلك قبل أن أحمل اللحم ثم سابقته بعد ذلك فسبقني فقال هذه بتلك وكان النبي يجمع نساءه كل ليلة في بيت التي يبيت عندها فيأكل معهن العشاء في بعض الأحيان ثم تنصرف كل واحدة إلى بيتها وكان ينام في شعار واحد يضع عند كتفه الرداء وينام بالإزار وكان إذا صلى العشاء يدخل منزله فيسمر مع أهله قليلا قبل أن ينام يؤانسهم بذلك وقال الله تعالى: {ولكم في رسول الله أسوة حسنة}.
الوصايا العشر التي أوصى الله بها عباده:
{قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ذلك وصاكم به لعلكم تعقلون. ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا الكيل والميزان بالقسط لا نكلف نفسا إلا وسعها وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد الله أوفوا ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون}
تفسير بعض هذه الوصايا:
الشرك وهو أن تدعو مع الله أحدا. والإحسان بالوالدين بالأقوال والأفعال. ولا تقتلوا أولادكم كما يفعله أهل الجاهلية من الإملاق أي الفقر ولا تقربوا الفواحش بالسر والعلن. ولا تقربوا مال اليتيم إلا بما يفيده حتى يبلغ رشده. وإذا قلتم فاعدلوا بالصدق لكم أو عليكم وبعهد الله أوفوا أي بأي عهد كان. سواء كان مع الله أو مع العباد والله يقول: {وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا}.
حكم الوقف في صدر الإسلام
بما أن الوقف في صدر الإسلام كان وقفا خيريا كما أوقف عمر رضي الله عنه أرضا بخيبر على الفقراء وأوقف عثمان رضي الله عنه بئر روما لعموم المسلمين وحدثت فيما بعد أوقاف على غير ما تقدم كالوقف على الذرية ما تناسلوا وكالوقف على الذكور دون الإناث وكالوقف على بعض أولاده وحرمان الغير فهذه الأوقاف حادثة وفيها ضرر على الغير فلهذا عرض كتاب (الوقف في نظامه الجديد) للأستاذ محمد مصطفى على مجلس الشيوخ المصري وأقره بعد إدخال عدة تعديلات عليه سنة 1943م وإليك بعضا منها وهي أولا: إذا طلب الموقوف عليهم من الذرية قسمته فيما بينهم فلهم ذلك إذا لم يكن في القسمة ضرر. ثانيا: إذا كان الوقف أهليا يحتم توقيته ويجوز توقيته إن كان خيريا عدا وقف المساجد ثالثا: أوجب انتهاء الوقف إذا خرب ولا تمكن عمارته. رابعا: إبطال شرط الواقف إذا كان مخالفا للشرع. خامسا: منع وقف المشاع الذي لا يقبل القسمة. سادسا: وقف المسجد يكون مؤبدا ويجوز إذا كان لغير المسجد أن يكون الوقف مؤبدا ومؤقتا إذا كان خيريا وأما الوقف الأهلي فلا يكون إلا مؤقتا ولا يجوز على أكثر من طبقتين.
من هدي القرآن
{وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون} هم من هذه الأمة المحمدية وقد ورد في الحديث: [لا تزال طائفة من هذه الأمة قائمة على الحق لا يضرهم من خالفهم].
{خلق الإنسان من عجل} أي لفرط استعجاله كأنه خلق من العجلة وقال بعضهم العجل هو الطين بلغة حمير وأنشدوا على ذلك: (والنخل ينبت بين الماء والعجل).
{ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق} اختلف العلماء في الذبيحة التي لم يذكر اسم الله عليها عند الذبح فمنهم من حرم أكلها ومنهم من أجازه ومنهم الشافعي وأصحابه واستدل الشافعي بقوله تعالى: {وإنه لفسق} أي بأن المذبوح ذبح للفسق أي للأصنام وأما المذبوح الذي لم يذكر اسم الله عليه فهو جائز أكله.
سليمان بن عبد الملك وأبو حازم
س: كيف المخرج يا أبا حازم من هذا الأمر أي الخلافة؟
ج: لا تأخذ الأشياء إلا من حلها ولا تضعها إلا في محلها.
س: ومن يقوى على ذلك؟
ج: من قلده الله أمر الرعية ما قلدك.
س: عظني يا أبا حازم.
ج: اعلم أن هذا الأمر لم يأت إليك إلا بموت من قبلك وهو خارج من يدك بمثل ما صار إليك.
فقال سليمان: أشر علي.
فقال له: إنما أنت سوق فما تنفقه من عندك حمل إليك من خير أو شر فاختر أيهما.
الحكم في الإسلام
الحكم في الإسلام شورى مقيد بكتاب الله الذي لا يأتيه الباطل ويقول: (دافيد بروت): “القرآن دستور جماعي تجاري مدني حربي قضائي وهو فوق ذلك قانون سماوي والقرآن يحقق كل أغراض الحكومة الدستورية وقد فرض على الحاكم أن يستشير المسلمين ويرجع إلى رأيهم بقوله تعالى: {وشاورهم في الأمر} {وأمرهم شورى بينهم} وألزم الحاكم بالعدل في الرعية ولم يجعل امتيازا لطبقة الحاكمين على المحكومين”. انتهى باختصار من (كتاب حقوق الإسلام).
من هدي الرسول
حديث: [إن الناس كلهم عيال الله وأحب العيال إلى الله أنفعهم لعياله]. صحيح.
حديث: [ما أنزل الله داء إلا وأنزل له دواء فتداووا].
عن ابن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: [المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة] رواه البخاري.
وعن الشافعي أنه يرى أن من حرم على نفسه شيئا فتحريمه باطل وليس له أن يحرم شيئا أحله الله والله يقول: {يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم}.
من الحديث: [لزوال الدنيا أهون على الله من قتل مؤمن بغير حق].
حديث: [إن أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج] رواه البخاري ومسلم.
حديث: [اجتنبوا السبع الموبقات قالوا ما هي يا رسول الله فقال الشرك بالله وقتل النفس التي حرم الله والسحر وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات] البخاري ومسلم.
وعن الزهري قال أمر رسول الله بني بياضة أن يزوجوا أبا هند امرأة منهم فقالوا يا رسول الله أنزوج موالينا فنزلت هذه الآية: {إن أكرمكم عند الله أتقاكم..}.
حديث عن ابن مسعود قال أول من أظهر الله إسلامه هم رسول الله وأبو بكر وسمية أم عمار وصهيب وبلال والمقداد..
الاشتراكية في الإسلام
قال الله تعالى: {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم} وقال الله: {وفي أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم} المحروم وهو الذي يستحي أن يسأل وقال الله: {وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل وفي الرقاب} فابن السبيل هو الغريب الفقير وفي الرقاب هم الأرقاء يعطون ليعتقوا أنفسهم من الرق وقال تعالى: {آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه فالذين آمنوا منكم وأنفقوا لهم أجر كبير} وفي الحديث: [من كان له فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له] وفيه [ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع وهو يعلم به] وفيه أيضا: [من كان عنده طعام اثنين فليذهب بثالث ومن كان عنده طعام ثلاثة فليذهب برابع وخامس] وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [يا معشر المهاجرين والأنصار إن من إخوانكم من ليس له مال فليضم أحدكم إليه الرجلين والثلاثة] وقال [من كان له أرض فليزرعها أو يمنحها أخاه ليزرعها ولا يؤجرها إياه] وفي الحديث: [من فرج عن مؤمن كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه] وفي الحديث: [الناس كلهم عيال الله وأحب العيال إلى الله أنفعهم لعياله] أقول هذه هي الاشتراكية الحقيقية النافعة، أما اشتراكية هذا الزمان من السيطرة على أموال أهل الجد والعمل ويزعمون أنهم ينفقون ذلك على الفقراء وهم يتنعمون ويتصرفون بأموال رجال الأعمال حسبما يشتهون فترى الرؤساء في قصور شامخة وولائمهم دائمة لذوي الزعامة والنفوذ.
مخالفة الشيوعية للأديان
الشيوعية مبدأ اقتصادي ينزع إلى السيطرة على الشعوب. والإسلام ينبذ السيطرة ويدعو إلى الحرية والأخوة. والشيوعية تثير النزاع بين الناس والطبقات وتحرض الفقير على الغني وترتكز على دعامتين الأولى محاربة الأديان سيما الدين الإسلامي وتدعو إلى الإلحاد ونكران الخالق وتقضي على تراث الإنسان الروحي وعلى فطرته التي فطر عليها من حب التدين والإيمان. وقد اضطرت روسيا كثيرا من المسلمين في تركستان وبخارى وسمرقند إلى ترك ديارهم وقضت على الكثير منهم والسبب في ذلك أن الإسلام يقف سدا منيعا أمام ما تدعو إليه من نكران وجحود الرب الذي أعطى كل شيء خلقه وتؤمن بالمادة والحال أن المادة لا تسمع ولا تبصر ولا تعقل فكيف أبدعت هذا الكون العظيم ودبرته بأحسن تدبير: {وفي أنفسكم أفلا تبصرون} وأما الدعامة الثانية فهي محاربة التملك للفرد والقضاء على حرية الإنسان فيما يملك وهذه يحاربها الإسلام ويقول الله: {إن ربك يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر} وقد دعا الإسلام إلى التعاون بين الطبقات ودعا الأغنياء للبذل والصدقات والإحسان وفرض الزكاة للفقير وهي من أركان الإسلام ويقول العلامة عبد الكريم الزنجاني في كتابه (دروس الفلسفة) ما يأتي: إذا لاحظنا ما تقدم نصل إلى النتيجة الآتية وهي أن الشيوعية وليدة المذهب المادي الإلحادي وهي تحارب الأديان وتناقض الأخلاق والفضائل وتستلزم الدكتاتورية وتنكر ما لا يقع عليه الحس وترفض شرف الإنسانية الذي هو ركن القانون الخلقي وتقاوم الفطرة والطبيعة بتوجيه القوى النفسية والجسمية إلى غير ما خلقت له وإن الفاشستية والاشتراكية الوطنية تناقض المذاهب العقلية وأصول الحرية الطبيعية من مكارم الأخلاق الفاضلة وتعاليم الأديان السماوية.
العرب قبل الإسلام
إن عرب البحرين والعراق كانوا خاضعين لدولة الفرس وأما البدو فكانوا أحرارا وعرب سوريا خاضعين أيضا للرومان وأما قبائل العرب الوسطى في الحجاز فقد ساد عليهم بنو حمير سيادة وقتية وكانت بنو حمير تحت سيادة الفرس ولكن الحقيقة أنها مستقلة استقلالا لا غبار عليه ولما ظهر محمد صلى الله عليه وسلم كان في عهده ثلاث ديانات اليهودية والنصرانية وعباد الأصنام وهم السواد الأعظم. انتهى باختصار عن كتاب الإسلام وحقوق الإنسان.
عن كتاب العدالة الاجتماعية في الإسلام
إن رجلا كبرنارد شو يقول: “إن العالم الغربي أخذ يتجه هذا الاتجاه. ويتنبأ بأنه في الطريق إليه فيقول: “لقد تنبأت بأن دين محمد سيكون مقبولا لدى أوربا غدا وهو قد لا يكون مقبولا لديهم اليوم وقد عمد رجال الاكليروس في العصور الوسطى إلى تصور الإسلام في أحلك الألوان وذلك بسبب الجهل والتعصب القديم والواقع أنهم كانوا يسرفون في كراهية محمد وكراهية دينه ويعدونه عدوا للمسيح وأما أنا فأرى واجبا أن يدعي محمد منقذ الإنسانية وأعتقد أن رجلا مثله إذا تولى زعامة العالم الحديث ينجح في حل مشكلاته ويحل في العالم السلام.
حكم الهبة لبعض الأولاد وحرمان البقية
سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من الصحابة بأن يشهد عليه بإعطاء غلام لابنه فقال له صلى الله عليه وسلم [أله إخوة؟] فقال: نعم. فقال: [أكلهم أعطيت مثل ما أعطيته؟] فقال: لا. فقال: [ليس يصلح هذا وإني لا أشهد إلا على حق] وفي رواية: [لا لا تشهدني على جور وإن لبنيك عليك حقا أن تعدل بينهم] وفي رواية في الصحيحين أنه قال [أرجعه] ورواية أنه قال: [فاعدلوا بين أبنائكم] ويقول الشوكاني: “أن هذه الأحاديث تدل على وجوب التسوية وأن التفضيل باطل وجور فيجب على فاعله استرجاعه” رواه البخاري.
عن البراء بن عازب أنه لما نزل صوم رمضان كانوا لا يقربون النساء في رمضان كله وكان رجال يختانون أنفسهم فأنزل الله: {علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم}.
وفي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: [ألحقوا الفرائض بأهلها وما بقي فهو لأولى رجل ذكر] وفي هذا دليل إرث العاصب.
حديث: [من أنظر معسرا أو وضع عنه أظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله].
استدل الإمام مالك في إبطال الوقف على الذكور دون الإناث بقوله تعالى: {خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا} وقال إن الوقف حرام ويفسخ ولو بعد الموت: (راجع كتاب الإكليل للسيوطي).
موقف روسيا من الدين الإسلامي
من الثابت أن روسيا لا تعترف بوجود الخالق المدبر لهذا الكون ولما عقد مؤتمر المستشرقين سنة 1954م وعندما أرادوا أن يطعنوا في هذا الدين الحنيف كانت دعواهم أن هذا القرآن لا يمكن أن يكون من عمل فرد واحد وهو محمد بل هو من عمل جماعة كبيرة وأنه لا يمكن أن يكون قد كتب في الجزيرة العربية بل أن بعض أجزاء منه كتب خارجها ويقول السيد قطب أن الذي دعاهم لهذا القول استكثار هذا القرآن على موهبة رجل واحد وعلى علم أمة واحدة ولم يقولوا أنه من وحي رب العالمين لأنهم ينكرون أن يكون لهذا الوجود إله. أقول إن العاجز عن الحجة لأسباب واهية خارجة عن الموضوع لهذا نرى أن روسيا حكمت في هذا المؤتمر بأن القرآن من عمل جماعة كبيرة وإنه لا يكون كتب في الجزيرة وإن بعض أجزائه كتب في خارجها فأنا أسأل من هذه الجماعة الكبيرة وبأي محل كتب وما هي الأجزاء التي كتبت في خارجها؟! إن حمار روسيا وقف بالعقبة ولو قالوا إن المادة التي أوجدت هذا الكون وهي عمياء لا تبصر ولا تعقل ولا تسمع لقلنا هذا معتقدهم إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور.
الأولياء
قال الله تعالى: {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم} فالولي بينه الله بقوله. وهو المؤمن التقي فعليه أن كل مؤمن اتقى محارم الله فهو ولي ولا بعد تعريف الله شيء فالأرض مملوءة بأولياء الله ولا تنخدع لقول المخرفين الذين يقولون إن الولي هو الذي يمشي على البحر وتطوى له الأرض هو الذي يمشي على البحر وتطوى له الأرض ويؤدي صلاته في الحرم الشريف وأما البشرى لهم في الحياة الدنيا فهي كما جاء في قوله تعالى: {وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا} وأما البشرى في الآخرة فهي بشرى الملائكة عند قبض الأرواح بقوله تعالى: {أن لا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون}.
{قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى} قال سعيد بن جبير أي قربى آل محمد وقال ابن عباس لم يكن بطن من بطون قريش إلا كان لهم فيه قرابة فقال ألا تصلون ما بيني وبينكم من القرابة فيكون المعنى أن تكفوا أذاكم مراعاة للقرابة وتسمعوا وتطيعوني لما أهديكم وهذا هو الأجر الذي أطلبه منكم وتفسير ابن عباس هو الراجح انتهى عن تفسير السيد قطب باختصار: {وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربي} أي إذا قلتم بشهادة أو خبر فتحروا الصدق والصواب ولا تتعصبوا لقريب أو بعيد أو صديق أو عدو بل انطقوا بالحق الذي أمركم به الله”.
ما ورد في فضل أهل بدر
{ يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة} نزلت هذه الآية الشريفة في حاطب بن أبي بلتعة. وقد روى البخاري ومسلم عن علي كرم الله وجهه قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا والمقداد والزبير فقال انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة معها كتاب فخذوه منها وأتوني به فخرجنا حتى أتينا روضة خاخ فإذا نحن بالظعينة فقلنا اخرجي الكتاب فقالت ليس معي كتاب فقلنا لتخرجن الكتاب أو لتلقين الثياب فأخرجته من عقاصها فأتينا به النبي صلى الله عليه وسلم فإذا فيه: “من حاطب بن أبي بلتعة إلى أناس من المشركين بمكة يخبرهم ببعض أمر النبي فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ما هذا يا حاطب فقال لا تعجل عليّ يا رسول الله أني كنت امرأ ملصقا بقريش ولم أكن من أنفسها وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون بها أهلهم وأموالهم بمكة فأحببت إذا فاتني ذلك من النسب فيهم أن أصنع ذلك يدا يحمون بها قرابتي وما فعلت ذلك كفرا ولا ارتدادا عن ديني فقال النبي صلى الله عليه وسلم صدق فقال عمر رضي الله عنه دعني أضرب عنقه فقال له: [إنه من أهل بدر -أي أنه من المجاهدين في وقعة بدر- وما يدريك أن الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم قد غفرت لكم]. أقول كان المرحوم الشيخ أحمد الفارسي يعظ في مسجد الحداد وكنت قريبا منه وبعد انتهاء الوعظ أخذ يتكلم مع عبد الرحمن اليوسف ولم أحفظ كلامهما ولكني سمعت هذه الأبيات يخاطب بها عبد الرحمن.
يا بدر أهلك جاروا وعلموك التجري
وقبحوا لك وصلي وزينوا لك هجري
فليفعلوا ما أرادوا فإنهم أهل بدر
من الشعر
من قصيدة لحاتم الطائي:
اماوي أن المال غاد ورائح ويبقى من المال الأحاديث والذكر
أماوي ما يغني الثراء من الغنى إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر
وقد علم الأقوام لو أن حاتما أراد ثراء المال كان له وفر
ومن قصيدة المتنبي:
ليالي بعد الظاعنين شكول طوال وليل العاشقين طويل
يبن لي البدر الذي لا أريده ويخفين بدرا ما إليه سبيل
إذا كان شم الروح أدنى إليكم فلا برحتني روضة وقبول
وما شرقي بالماء إلا تذكرا لماء به أهل الحبيب نزول
ومن قصيدة لأبي البقاء في سقوط إشبيلية:
لكل شيء إذا ما تم نقصان فلا يغر بطيب العيش إنسان
هي الأمور كما شاهدتها دول من سره زمن ساءته أزمان
دهى الجزيرة أمر لا عزاء له هوى له أحد وانهد ثهلان
تبكي الحنيفة البيضاء من أسف كما بكى لفراق الألف هيمان
على ديار من الإسلام خالية قد أقفرت ولها بالذكر عمران
ماذا التقاطع والإسلام بينكم وأنتم يا عباد الله إخوان
وللمؤلف هذا التشطير:
أمر على الديار ديار سلمى لأطفىء من لظا الأحشاء نارا
ويلجيني الهوى العذري حتى أقبل ذا الجدار وذا الجدارا
وما حب الديار شغفن قلبي وإن نالت بهاء واعتبارا
وما في الدار حب في فؤادي ولكن حب من سكن الديارا
الأحاديث الموضوعة
هي ما يقطع بوضعها كالأحاديث المخالفة لكتاب الله والسنة الصحيحة أو يشهد العقل والحس بكذبها أو يعترف الراوي بنفسه أنه افتراها.
أولاً: حديث في زيادة الإيمان ونقصانه وأنه قول وعمل لم يصح من ذلك شيء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والإيمان لا يزيد ولا ينقص.
ثانيا: الأحاديث في المرجئة والقدرية والأشعرية والجهمية لم يصح منها شيء فالمرجئة فرقة من المسلمين يقولون لا يضر مع الإيمان معصية كما لا ينفع مع الكفر طاعة والجبرية يقولون إن العبد مجبور في أعماله كالريشة في الهواء والقدرية ينكرون القدر في أفعال العباد ويقولون أنها مسندة إلى قدرتهم لا إلى قدرة الله.
الأحاديث الواردة في فضائل العرب وقبائلهم لم يصح منها شيء.
والأحاديث في فضل معاوية لم يصح منها شيء.
الأحاديث في فضائل بيت المقدس والصخرة وعسقلان وقزوين لم يصح منها شيء.
ما ورد في فضل أبي حنيفة والشافعي وذمهما لم يصح منها شيء.
النهي عن دخول الحمام والغسل بعد أن يغسل ميتاً وبسم الله آية من كل سورة ولا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد والقنوت في الصبح وصلاة التسابيح لم يصح منها شيء.
زكاة الحلي وزكاة العسل وزكاة الخضروات لم يصح منها شيء.
الطلب من حسان الوجوه الرحمة والسخي قريب من الله والبخيل بعيد من الله لم يصح منها شيء.
فضل عاشوراء لم يرد فيه عن النبي شيء إلا أنه صامه وأمر بصيامه.
الاكتحال لم يصح فيه شيء وفضل رجب وصيامه لم يصح فيهما شيء وحجوا قبل أن لا تحجوا لم يصح. وكل قرض جر نفعا فهو ربا لم يصح بل في الصحيح أن النبي اقترض صاعا ورد صاعين.
ذم السماع لم يرد فيه شيء وكذا اللعب في الشطرنج وكذا ذم الكسب وفتنة المال لم يرد فيهما شيء وكذا الحجامة لم يرد فيها أمر.
انتهى باختصار عن كتاب (المغني عن الحفظ) للشيخ عمر بدر الموصلي إمام المسجد الأقصى.
حكم ملكية الأرض للفرد
كتب العلامة المودودي كتابا في ملكية الأرض وهو يباع في مكتبة (الشباب المسلم) في دمشق وفيه الرد على من زعم أن ملكية الأرض للشخص غير مباحة في الإسلام واستدل بقوله تعالى: {والأرض وضعها للأنام} أي لا للفرد وفسر قوله تعالى: {إن الأرض لله يورثها من يشاء} بأن المراد بها للحكومة لا للفرد. وإليك نبذة من رد المودودي عليه باختصار: “إذا كان قصد الله هو ما قال بأن ملكية الأرض لا تكون للفرد فلماذا عمل بها النبي وأصحابه والتابعون فالقائل بالمنع واقع بين أمرين أما أن النبي صلى الله عليه وسلم غير شاعر بغاية القرآن أو أنه يعرفها ولكن أبى أن يعمل بمقتضى القرآن وتعليمه فقل لي بربك أي جهة من هاتين الجهتين تسلم بها”، ثم ذكر المودودي عدة من أحاديث البخاري ومسلم وكلها تدل على تملك الفرد للأرض وتصرفه بها ثم قال: “إن القائل بهذه النظرية أي بعدم تملك الفرد (ماركس ولينين وستالين وانجلز) ويخالفهم النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدون وجميع التابعين والأئمة الأربعة فأي الفريقين أحق بالإتباع”.
أقول فسر الشوكاني قوله تعالى: {والأرض وضعها للأنام}. أي بسطها لجميع الخلق مما له روح وقال أبو السعود والخطاب للثقلين المدلول عليهما بالأنام فنكتفي بقول الشوكاني وأبي السعود ونرجع لقوله تعالى: {إن الأرض لله يورثها من يشاء} هذه الآية لا تحتاج إلى تفسير فالقائل بأن المراد بها الحكومة لا الفرد من أين أتى بها ومن قال بها. {ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا}.
من التفسير
{قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم} إن هذه الآية أرجأ آية في كتاب الله لاشتمالها على أعظم إشارة لأنه أضاف العباد إلى نفسه بقوله يا عبادي لقصد تشريفهم وتبشيرهم بهذه البشرى ثم وصفهم بالإسراف في المعاصي فقال لهم لا تقنطوا من رحمة الله وبشرهم بقوله إن الله يغفر الذنوب جميعا فهو يغفر كل ذنب كائن ما كان إلا الشرك لأنه يقول: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} ثم علل ذلك بقوله: {إنه هو الغفور الرحيم} أي كثير المغفرة والرحمة ومن ظن أن تقنيطه عباد الله وتيئيسهم من رحمته أولى بما بشرهم به فقد ركب أعظم الشطط وغلط أقبح الغلط وأما ما يزعمه جماعة من المفسرين من تقييد هذه الآية بالتوبة فقد غلطوا بذلك لأنه لو كانت هذه الآية مقيدة بالتوبة لم يكن لها كبير أمر والتوبة من الشرك يغفرها الله مهما فعل العبد بشركه وهو يقول: {إن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم} انتهى عن تفسير الشوكاني باختصار، وقد ورد في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: [قد حرم الله على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجهه] رواه البخاري وقال تعالى: {ومن عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون} فالحياة الطيبة هي الرزق الحلال والقناعة بما رزقه الله والتوفيق بطاعة الله وأما الجزاء في الآخرة فهو الجزاء من الله بما كانوا يعملون في هذه الدار والله يقول: {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون} .
قواعد من أصول الفقه مجموعة في هذين البيتين:
ضرر يزال وعادة قد أحكمت وكذا المشقة تجلب التيسيرا
والشك لا ترفع به متيقنا والنية أخلص إن قصدت أمورا
بيان ذلك:
أولا: إن الضرورات تبيح المحرمات من أكل وشرب وملبس كأكل الميتة لمن أشرف على الهلاك فله أن يأكل منها ما يسد حاجته وإذا غص وليس عنده ماء فله أن يشرب الخمرة للإزالة وكذا إذا أخذه العطش وليس عنده ماء طاهر وعنده متنجس فله أن يشرب منه.
ثانيا: العادة المحكمة اعتاد الناس على شيء ولم يرد في الشرع تحريمه فالعادة هي المرجع مثل عادة أهل الغوص بأن الخمس من الحاصل لصاحب السفينة والذي يغوص له ثلاثة أسهم والسيب له سهمان وهو الذي يجر الغائص ويجر الحجر الذي نزل به إلى الأرض وكذا عادة أهل السفر في السفن تجري على ما هو مصطلح عليه.
ثالثا: المشقة تجلب التيسير مثل المريض إذا عجز عن الصلاة قائما فله أن يصلي جالسا وإذا عجز عن الصيام فله أن يفطر والله يقول: {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر}.
رابعا: الشك لا يؤثر باليقين مثال ذلك أنك على يقين من وضوئك وأصابك شك هل انتقض وضوؤك، فالزم اليقين ودع الشك.
خامسا: النية فقد ورد في الحديث: [إنما الأعمال بالنيات] والنية محلها القلب في الصوم والصلاة وجميع الأعمال فإذا نويت بقلبك أنك تصوم أو نويت بقلبك الصلاة فهي كافية ولا حاجة أن تقول نويت الصيام غدا عن أداء فرض رمضان ولا حاجة أن تقول نويت أن أصلي فرض الصبح وما أشبه ذلك.
من الحديث
عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى: {وإذ يمكر بك الذين كفروا}، قال تآمرت قريش ليلة بمكة فقال بعضهم، إذا أصبح فأثبتوه بالوثاق يريدون النبي صلى الله عليه وسلم وقال بعضهم بل اقتلوه وقال بعضهم بل أخرجوه فاطلع الله نبيه صلى الله عليه وسلم فبات علي كرم الله وجهه على فراش النبي وخرج النبي صلى الله عليه وسلم فلما أصبحوا تآمروا عليه فلما رأوا عليا رد الله مكرهم فقالوا لعلي أين صاحبك؟ قال: لا أدري؟ فاقتصوا أثره فلما بلغوا الجبل اختلط عليهم الأمر فقصدوا الجبل ومروا بالغار فرأوا على بابه نسيج العنكبوت فقالوا لو دخل هنا لم يكن نسيج العنكبوت على بابه وهكذا صرفهم الله عن نبيه فمكث صلى الله عليه وسلم فيه ثلاث ليال.
فوائد ملتقطة
الصلاح ينحصر في نوعين في العلم النافع والعمل الصالح ولا إيمان مع تكذيب الرسول ومعاداته ولا كفر مع تصديقه وطاعته والعقل والنص يدلان على أنه كل ما عدا الله مخلوق وجميع ما يدعى من السنة أنه ناسخ للقرآن فهو غلط.
الميت ينتفع بجميع العبادات البدنية من صلاة وصيام وقراءة القرآن كما ينتفع بالعبادات المالية من صدقة وعتق وكذا بالدعاء له والاستغفار. والنبي صلى الله عليه وسلم يشعر بالسلام عليه وأن حاله بعد موته أكمل من حاله قبل مولده وقال تعالى: {هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور} وفي الحديث: [أن الله وملائكته يصلون على معلمي الخير للناس].
انتهى عن كتاب (طريق الوصول) لابن تيمية.
أنا والعدل
مررت على العدالة وهي تبكي فقلت علام تنتحب الفتاة
فقالت كيف لا أبكي وأهلي جميعا دون خلق الله ماتوا
فقلت لها إن الله كتب الموت على الجميع ولم يفرق بين عادل وظالم وجعل الجزاء بتلك الدار الآخرة واعلمي أن الأرض لا تخلو من أهل العدالة من رجال ونساء فقالت نعم الأمر كما ذكرت ولكن الحكم للأغلبية فأهل العدالة ينتسبون لأهل الظلم فلهذا يستبدون في الأمة ولا يشاورونهم والله أمر نبيه الذي نزل عليه الوحي بقوله: {وشاورهم في الأمر} وإني لم أر ولم أسمع بأن رئيسا من الرؤساء جمع أهل الدين وشاورهم في الأمور المهمة وعمل برأي الأكثرية بل كل الذي نسمعه من الإذاعات ليس سوى السب والشتم فيما بينهم. والله يقول: {إنما المؤمنون إخوة} وعلى المؤمن إذا رأى من أخيه خطأ أن يرشده إلى الحق ويدعو له بحسن التوفيق.
فقلت لها أن ما قلته حق ولكن الخلاف بيني وبينك أنك أمت أهل العدالة ويأست منهم وأنا أرى أن العدل سينتصر على الباطل وإن طال الزمان. فقالت ما الدليل على ذلك؟
فقلت لها أولا: ورد في الحديث: [لا تزال طائفة من هذه الأمة قائمة على الحق لا يضرهم من خالفهم] وثانيا: أن انتشار العلم في أقطار الأرض والعلم يدعو إلى الإنصاف والمساواة والعدل في الأحكام. ثالثا: أن الناس كانوا في غفلة ورقاد فأيقظهم العلم وهو يدعوهم إلى التحرر والعزة والحياة الصحيحة. رابعا: أن رجال العدل ومحبي السلام يدعون بإلحاح إلى المساواة وعدم تمييز العناصر وإلى الاتفاق ونزع السلاح وإبطال الأسلحة الذرية وتحويلها للأغراض السلمية ورفع يد الاستعمار ونرجو من الله أن يأخذ بيدهم وينصرهم ويقذف الحق الحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق.
أدب وفوائد
سمعت من المرحوم جابر المبارك الصباح يقول ضاق صدري في إحدى الليالي الممطرة وأرقت فأخذت عصاي ولبست عباءتي ورحت إلى دخينة ودخينة -تطلق على ديوان المرحوم عبد الله الفرج شاعر الكويت ومطربها- فطرقت الباب وفتح لي وإذا ليس في الديوان غيره فتلقاني بالبشرى وبعد جلوسي أخذ العود وأنشد يقول:
سرى يقطع الظلماء والليل عاكف حبيب بأوقات الزيارة عارف
وما راعني إلا السلام وقوله أيدخل محبوب على الباب واقف
فسررت من إنشاده في هذه المناسبة. (انتهى).
وإليك البناء على هذين البيتين للمؤلف:
فقلت له أهل وسهلا ومرحبا بمن زار في الظلماء والويل واكف
أنست به حتى بدا الصبح ساطعا فودعني والقلب مني واجف
الشيخ عند العرب
الشيخ عند العرب يطلق على الشائب والشيخة على العجوز وإليك الدليل:
زعمتني شيخا ولست بشيخ إنما الشيخ من يدب دبيبا
وتضحك مني شيخة عبشمية كأن لم ترى قبلي أميرا يمانيا
ويقول ابن بطوطة لما جاء لهذا الطرف أنهم يسمون الأمير شيخا والعالم شيخا وهذا خلاف اللغة.
طارت إشاعة بين الناس مفادها أن عبد الكريم قاسم لم يمت وهو حي يرزق وأقول لمن يصدق ذلك أن يعطى رتبة عالية بالجنون ليضعها على رأسه علامة جنونه. والجنون فنون.
من الشعر
لحسن جاد:
قل للشيوعيين أو أمثالهم رفقا بهذا الشرق في مأساته
فوضى المذاهب في بنيه تضاربت لا يستقيم بها نظام حياته
عودوا إلى القرآن أعدل مذهب وخذوا الحقيقة من لسان دعاته
وللمؤلف في صاحب السمو الشيخ عبد الله السالم الصباح:
الله أعلم حيث يجعل أمرنا في حكم ذاتك
فلذا ترانا سائلين الله يفسح في حياتك
وللمؤلف أيضا:
لي في الزبير أحبة بين القبور الدارسة
أبي وأمي وأخي وعين ربي حارسة
وله في عبد الله عبد اللطيف العثمان:
يكفيك عبد الله أنك واحد في الجود في هذا الكويت فريد
ولئن حسدت على التفوق في الندى إن اللئيم مع الكريم حسود
***
وكل امرىء يولي الجميل محبب وكل مكان ينبت العز طيب
وليس يصح في الأذهان شيء إذا احتاج النهار إلى دليل
***
ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى عدوا له ما من صداقته بد
***
وإذا كانت النفوس كبارا تعبت في مرادها الأجسام
***
وما الحسن في وجه الفتى شرفا له إذا لم يكن في فعله والخلايق
***
وللمؤلف:
ضاع الكويتي في الكويت بين الأجانب في السكن
وسرت إليه عداوة منهم بأضرار الوطن
ورشى الكويتي وارتشى وهوى بإطلاق الرسن
وقد ورد في الحديث: [لعن الله الراشي والمرتشي].
الطب والأطباء في الكويت
في أول هذا القرن (الرابع عشر) كان يتعاطى مهنة الطب في الكويت جماعة بين رجال ونساء فمن الرجال حمود الصانع وعلي فضاله وإبراهيم بن غريب ومن النساء أم حمود العازمية وهيا الناقة وبنت أبو طيبان وغيرهم وجميع هؤلاء لم يدرسوا في مدرسة ولا أخذوا علمهم عن طبيب بل علمتهم التجربة. والدواء العام عندهم الكي وشرب السنا ويسمى الحلول وأيضا يستعملون (الكمود) وهو ماء حار تغمس به قطعة من صوف أو قطن وتوضع على موضع الألم وإليك حادثتان جرت لي وأنا صغير السن الأولى صار في عيني تراخما ونسميها (البثرة) فذهبت إلى هيا الناقة فأخذت تقلب جفني وتحكه بقرص قناطي وهو حلاوة تصنع للأولاد وبعد انتهاء الحك تذر على الجفن دواء حارا وبعد أيام قليلة شفيت من هذا الداء، والثانية صار في فمي رائحة كريهة من الأسنان فذهب بي الوالد إلى إبراهيم بن غريب فكشف علي وأشار على الوالد بالكي ولم يخبرني، فأمره الوالد بذلك وحمى المكوى بالنار وأنا لا أعلم ثم أمرني إبراهيم أن أضع رأسي في حضنه وكواني في خلف الرقبة فصرخت من النار فأتى إلي بلفة من خصاصيف من حلوة مسقط لأسكت من الصراخ وكل هذه الأعمال مالها أجرة ولا قدمية وإنما هي مجرد إنسانية. وزال عني المرض بعد أيام قليلة.
من التفسير
قال الله تعالى: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله} وفي الحديث: [إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار]. قيل هذا القاتل فما بال المقتول فقال: [إنه كان حريصا على قتل صاحبه].
وقال الله تعالى: {ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرون وما يعلنون} نزلت هذه الآية في الأخنس بن شريق من منافقي مكة وكان حلو اللسان ويظهر للرسول الكراهية ويطوي صدره على كرهه ويظهر له المودة ويظن أن ذلك يخفى على الله.
فوائد مختلفة
عن الزهري أن أبا سفيان وأبا جهل والأخنس بن شريق كانوا يخرجون ليلا ليستمعوا القرآن من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في بيته يتلو كتاب الله ثم ذهب الأخنس إلى أبي سفيان في بيته فقال له ما رأيك فقال له: “سمعت أشياء أعرفها وأشياء لا أعرفها” ثم ذهب إلى أبي جهل فقال له مثلما قال لأبي سفيان فأجابه أبو جهل بقوله: “تنازعنا نحن وبنو عبد مناف فهم أعطوا وأعطينا وأطعموا وأطعمنا وحملوا وحملنا حتى صرنا كفرسي رهان فقالوا منا نبي يوحى إليه من السماء فمتى ندرك مثل هذا فو الله لا نؤمن به ولا نصدقه أبدا”.
وروى البخاري ومسلم أن الله يدني العبد المؤمن ويستره من الناس ويقرره بذنوبه ويقول له أتعرف كذا؟ حتى إذا قرره بذلك يرى نفسه أنه قد هلك قال له إني قد سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم”.
ويقول الدكتور (موريس الفرنسي) إن القرآن أفضل كتاب أخرجته العناية الأزلية لبني البشر فهو قد تضمن لأشعار هي خير من أناشيد فلاسفة اليونان وقد استوعب بين دفيه الثناء على مبدع السماوات والأرض وتمجيد الله تعالى، وإن مزايا القرآن الأولية وأركانه الأساسية إنما هي في صحته وحقيقته بما فيه وإنه كتاب الله لا ريب فيه.
ويقول برنارد شو لو تولى العالم الغربي رجل كمحمد لشفاه من علله كافة ولقد بدأ الغرب يفهم ما هو الإسلام وسيتم إسلام أوربا عامة في قرنين من الزمان.
وعن كتاب (العدالة الاجتماعية..) للسيد قطب عن ما ملك بعض الصحابة رضي الله عنهم. بلغ ثمن الزوجة في تركة الزبير خمسين ألف دينار وكانت غلة طلحة رضي الله عنه من العراق ألف دينار في كل يوم وكان على مربط عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه ألف فرس وألف بعير وعشرة آلاف من الغنم وبلغ الربع من تركته أربعة وثمانون ألف دينار وخلف زيد بن ثابت من الذهب والفضة ما يكسر بالفؤوس وبنى سعد بن أبي وقاص داره بالعقيق ورفع سمكها وجعل أعلاها شرفات.
حديث: [شر الناس ذو الوجهين] متفق عليه.
حديث: [من حمل علينا السلاح فليس منا] متفق عليه.
حديث: [إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته] رواه البخاري.
حديث: [ليس الغني بكثرة العرض ولكن الغني غني النفس] متفق عليه.
قال تعالى: {ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى} وهو أن المرأة تمر على الرجال فاتحة صدرها لا يواريه شيء وربما أظهرت عنقها وذوائب شعرها وقرط أذنها، أقول: زاد النساء على الجاهلية بكشف الساقين والكتف ويقول المغني العراقي:
بالموظة تمشي ادلوع يا رب سترك احفظ جميع الناس منها ومكرها
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: “لو أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء لمنعهن عن المساجد”.
من الفقه
اتفق أهل العلم أن رضاع الطفل بعد أن يمضي عليه حولان لا يحرم عليه وأجابوا عن حديث سالم بأنه رخصة له فقط.
سئل الشيخ حسن مأمون وهو من علماء مصر هل يجوز للإنسان أن يتبرع بدم لمريض أو يبيعه؟
فأفتى بالجواز وأجاب بأن الدم المحرم هو الدم المسفوح وأما هذا الدم لم يرد نصه بتحريمه وهذا البيع تدعو إليه الضرورة.
وقال علماء الأحناف بأن للمرأة أن تتصرف في مالها إذا كانت عاقلة مميزة ولها حق اختيار الزوج وقد جاء في الصحيحين: “أن خنساء بنت خذام زوجها أبوها وهي كارهة وكانت ثيبا فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فرد نكاحها، وفي السنة عن ابن عباس أن جارية بكرا أتت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت أن أباها زوجها وهي كارهة فخيرها صلى الله عليه وسلم فيها” فهاتان قضيتان قضى النبي صلى الله عليه وسلم فخير البكر والثيب.
وقال ابن القيم: “هذا ما ندين الله به وهو الموافق لحكم رسول الله” راجع (كتاب القرآن) للشيخ شلتوت وقال شلتوت في آخر البحث “هذا للحق كما يدل عليه القرآن والسنة وتقضي به الشريعة الإسلامية”.
يقتل الحر بالعبد عند أبي حنيفة وسعيد بن المسيب والنخعي وقتادة والثوري بقوله تعالى: {النفس بالنفس} وقول الرسول: [من قتل عبدا قتلناه] والحديث: [المؤمنون تتكافأ دماؤهم] راجع (أصول البيان) للشنقيطي وذهب أبو حنيفة والشعبي والنخعي أن المسلم يقتل بالذمي.
وتقبل شهادة الذمي قال بقبولها الحسن وابن أبي ليلى والأوزاعي وشريح والرضى بالله راجع (تفسير القاسمي).
لا يفطر الصائم بسبب قبلة أو تكرار نظر وهذا قول أبي حنيفة والشافعي وبعض أصحابه (عن الاختيارات).
الفلسفة والدين
كانت الفلسفة والدين من أصل واحد في بدء تكوينهما ولم يحدث بينهما التنافس إلا بعد أن كلف العقل بأن يدرك كل ما في عالم الوجود ومن هنا افترق الدين عن الفلسفة لأن الفلسفة حاولت أن تثبت أنها تقابل الذي أثبته الدين في الأوصاف والاختبار ومن هذا حصل الاختلاف بين الدين والفلسفة في القرن الماضي لأن العلم كان مؤسسا على النظرية المادية والدين ينقصها ولكن الاكتشافات الحديثة في هذا القرن أثبتت أن المادة ليست بأبدية ولكنها خاضعة للقدرة الإلهية التي تقضي على جميع الكائنات انتهى باختصار عن الجزء الأول من كتاب (دروس الفلسفة) للعلاقة عبد الكريم الزنجاني.
يا معشر النساء
اقرأن ما يأتي ففيه بشرى لكن
جاءت أسماء بنت يزيد الأنصارية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت أنا وافدة النساء إليك فشرعت تعدد ما فضل الله به الرجال على النساء من القتال في سبيل الله وحضور الجمع والجماعة وعيادة المرضى وشهود الجنائز والحج بعد الحج والعمرة بعد العمرة أفنشارككم بهذا الفضل فأجابها رسول الله صلى الله عليه وسلم [اعلمي أيتها المرأة وأخبري من خلفك من النساء أن حسن تبعل الزوجة لزوجها وطلبها رضاءه واتباعها موافقته تعدل ذلك كله] انتهى باختصار عن كتاب (دراسات في الإسلام) أقول تأملن يا معشر النساء مالكن من الفضل في طاعة الزوج حيث أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم هذه المرأة المرسلة من قبل النساء بأن طاعة الزوج تقابل ما امتاز به الرجال من الجهاد في سبيل الله والحج بعد الحج إلى آخر ما ذكره الرسول فكفاكن هذا الفضل العظيم بامتثال أمر الزوج وطاعته والله ذو الفضل العظيم وقال الله تعالى: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم} فهذه الآية الشريفة أثبتت على الرجال والنساء في الأعمال البعلية ولم تفضل الرجال على النساء بالأعمال المذكورة في الآية.
من الحديث
[عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له] رواه البخاري ومسلم.
حديث [الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهدين في سبيل الله وكالقائم بالليل والصائم بالنهار] رواه البخاري ومسلم.
[اجتنبوا السبع الموبقات فقالوا ما هي يا رسول الله فقال الشرك وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق والسحر وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات الغافلات والمؤمنات] رواه البخاري ومسلم.
[إن أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج] رواه البخاري ومسلم.
أقول تأمل مخالفة الكثير من المقلدين بإسقاط الشروط بحجة مقتضى العقد فالأئمة رحمهم الله متفقون إذا صح الحديث فهو مذهبهم فهذا حديث في الصحيحين وإذا خطب أجنبي ابنتك وشرطت عليه أن لا يسافر بها أو أن تكون في والدها وما أشبه ذلك يقولون مقتضى العقد أن تسافر بها وأن تخرجها من بيته فهل الدين فيه خداع وحيل ومقتضى العقد هو ما قال الرسول.
[إذا دعا الرجل زوجته إلى فراشه ولم تأته وبات غضبان لعنتها الملائكة].
جمدنا على قول فقيه ولم نرجع لكتاب الله ولا سنة نبيه الصحيحة.
فوائد
قال ابن كثير لما أسلم كعب الأحبار أخذ يحدث الناس عن كتب قديمة فترخص باستماع ما عنده من الغث والسمين وليس لهذه الأمة حاجة لحرف واحد مما عنده.
أقول دخل في التفاسير كثير من أخبار من أسلم من أهل الكتاب وكفى المسلمين قوله تعالى {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا} يقول إقبال أن المسلم المثالي هو الذي يمتاز بين أهل الشك والظن بإيمانه ويقينه وبين الجبناء بشجاعته وقوته الروحية وبين عباد الأصنام بتوحيده وبين عباد الشهوات بتجرده عنها وبين أهل الأنانية بإيثاره فهذا هو المسلم الحقيقي.
حديث [أنا أفصح من نطق بالضاد] هذا الحديث ضعيف وعن ابن كثير أنه يغتفر الاختلال بين الضاد والظاء لقرب مخرجيهما وقرئ (وما هو على الغيب بضنين) بالضاد والظاء.
وذكر ابن جرير أنه لما كان يوم بدر خلى الأخنس بأبي جهل فقال له يا أبا الحكم أخبرني عن محمد أصادق أم كاذب؟ فليس ها هنا من قريش أحد فقال أبو جهل ويحك والله إن محمدا لصادق وما كذب قط ولكن إذا ذهب بنو قصي باللواء والسقاية والحجابة والنبوة فماذا يكون لباقي قريش.
روي عن ابن عباس وأناس معه أن الأرض كان فيها عمار يعملون بها كما يعمل ابن آدم ثم انقرضوا واستدل بقوله تعالى {أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء}.
{وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن} والعضل منع المرأة أن تتزوج ويكون العضل لحمية جاهلية كما يفعل الملوك والرؤساء في منع مطلقاتهم أن يتزوجن لأنهم يرون أنفسهم فوق الناس ولا يقبلون أن تتزوج مطلقاتهم بعدهم ومنهم من يمنع قريبته من الزواج لأنه يرى أنه أرفع ممن يريد الزواج بها.
قال الشاطبي من الناس من يزعم أن للقرآن ظاهرا وباطنا والصحيح أن الظاهر هو ظاهر التلاوة والباطن هو الفهم من الله وقد سئل علي كرم الله وجهه هل عندكم كتاب فقال لا إلا كتاب الله أو فهم أعطيه رجل مسلم.
زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة رضي الله عنها من علي كرم الله وجهه على صداق هو أربعمائة مثقال فضة ودعا بطبق من بسر.
انتبهوا. فتأمل ما يدفع في زماننا من الإسراف بالمهور والمأكولات حتى أن ثوب الزفاف يبلغ آلاف الدنانير وهذا الثوب لا يلبس إلا ساعة في ليلة الزفاف ثم يترك.
قال الشاطبي رتبة السنة التأخر عن كتاب الله فالاعتبار والدليل على ذلك. أولا أن كتاب الله مقطوع به والسنة مظنونة والمقطوع مقدم على المظنون. ثانيا سئل الإمام أحمد عن الحديث الذي روي “أن السنة قاضية على كتاب الله” فقال ما أجسر على هذا أن أقوله ولكن أقول أن السنة تفسر الكتاب وتبينه.
وهب الله للإنسان قوة الذاكرة وقوة المخيلة وقوة المفكرة فقوة الذاكرة هي التي تذكرك بما مر عليك بالماضي من حسن أو قبيح، وقوة المخيلة هي التي تخيل لك ما مر عليك كأنه حاضر فتأنس به إن كان حسنا وتتألم منه إن كان قبيحا. وقوة المفكرة هي التي تجعلك تتفكر فيما تقدم عليه فهو يهديك إلى الخير وتعمله أو ينهاك عن الشر فتتركه.
أقسام الحديث ثلاثة أحدهما الصحيح. وهو ما اتصل سنده، وحكمة العمل به. والثاني الحسن وهو الذي رجاله لم تكن بمنزلة الصحيح وحكمه كحكم الصحيح. والثالث الضعيف وهو الذي لم يستكمل شروط الحسن وحكمه فيه خلاف فمن أهل العلم من قال يعمل به في فضائل الأعمال ومنهم من قال لا يعمل به.
وأعظم آية في كتاب الله {الله لا إله إلا هو الحي القيوم} وأجمع آية في الخير والشر{إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي} وأكثر آية تفويضا{ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب} وأرجى آية {يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا} انتهى عن الشوكاني.
حكم التوسل بالنبي
عن “تفسير المنار”
خلاصة كلامه أن التوسل يراد ثلاثة معان فالأول: التوسل بطاعته فهذا فرض لا يتم الإيمان إلا به والثاني: التوسل بذاته وشفاعته فهذا كان في حياته ويكون في يوم القيامة بشفاعته والثالث: التوسل بمعنى الإقسام على الله بالنبي فهذا لم تكن الصحابة تفعله لا في حياته ولا بعد مماته ولا عند قبره وإنما ينقل عن أحاديث ضعيفة ممن ليس قوله حجة.
قال الله تعالى{والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم}قال عمر بن الخطاب وعبدالله بن عمر وابن عباس وأبو هريرة وعمر بن عبدالعزيز أن المال الذي تؤدى زكاته لا يسمى كنزا وهذا القول هو الصحيح [راجع الشوكاني].
{ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله والله رؤوف بالعباد} قال ابن كثير في تفسيره عن ابن عباس نزلت هذه الآية في صهيب الرومي وذلك أنه لما أسلم بمكة وأراد الهجرة منعه الكفار أن يهاجر بماله وإن أحب أن يهاجر ويتجرد من المال فلا مانع فتخلص منهم وأعطاهم ماله ونزلت هذه الآية ولما وصل إلى المدينة قال له رسول الله[ربح صهيب ربح صهيب.. ].
حث رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصدقة في غزوة تبوك فجاء عبد الرحمن بن عوف بأربعة آلاف وهي نصف ما يملك فقال له الرسول بارك الله لك فيما أمسكت وبما أعطيت ثم جاء أبو عقيل بصاع من تمر فقال يا رسول الله أصبت صاعين فصاع أقرضته لله وصاع أبقيته لعالي فقال المنافقون للذي أعطى ابن عوف هذا رياء وقالوا في صدقة أبي عقيل ألم يكن الله ورسوله في غنى عن صاع فنزلت هذه الآية {الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم سخر الله منهم}.
إذا عجز المريض عن الإيماء برأسه سقطت عنه الصلاة عند أبي حنيفة. خروج الدم والقيح من الجسد لا ينقض الوضوء وإن كثر وإذا خرج من القبل أو الدبر فهو ينقض.
مس الرجل للمرأة بلا شهوة لا ينقض الوضوء.
ومن فقد الماء والتراب وقت الصلاة فعليه أن يصلي ولا عليه إعادة أبي حنيفة ورواية عن أحمد أن التيمم يرفع الحدث ولم يرد في كتاب الله وسنة نبيه تجديد التيمم وإنما قال به الفقهاء من باب القياس.
حديث[ اختلاف أمتي رحمة] لا يعرف له سند صحيح وقد رواه الطبراني والبيهقي بسند ضعيف وهو مخالف لقوله تعالى {ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك} ولقول النبي صلى الله عليه وسلم [لا تختلفوا فتختلف قلوبكم] ومما شك فيه أن الاتفاق خير من الاختلاف راجع تفسير القاسمي.
{يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى} استدل الجمهور بأن الحر لا يقتل بالعبد وقال أبو حنيفة وأصحابه والثوري وابن أبي ليلى وداود الظاهري بأن الحر يقتل بالعبد واستدلوا بقوله تعالى {وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس} وروى هذا القول عن علي كرم الله وجهه وابن مسعود وسعيد بن المسيب (راجع الشوكاني).
(أسئلة وأجوبتها للمرحوم العقاد)
س: هل تعتقد أن الحرب الآن يمكن أن تكون..؟
ج: الحرب لن تقوم في هذه الآونة لأن كل كتلة تخاف عاقبة هذه الحرب وتخشاها.
س: هل هناك تعارض بين الإنسانية والقومية؟
ج: لا تعارض بين الفكرة الإنسانية والفكرة القومية ولكن القومية عندما تصل إلى درجة الهوس مثل الألمان عندما قالوا أنهم الجنس المختار تصبح القومية ضد الإنسانية ومثل هذا الهوس تنكره الإنسانية وأما القومية التي تحترم بلدها وتتضامن مع المصالح الأخرى فلا تعارض بينها وبين الإنسانية.
الاعتدال في الكلام
قال جعفر بن يحيى إذا كان الإيجار كافيا كان الإكثار عيا وإذا كان الإكثار واجبا كان التقصير عجزا.
ويقول الزهاوي:
ليست الشمس من الشرق إلى الغرب تسير إنما الأرض من الغرب إلى الشرق تدور
ويقول الرصافي:
ألا مبلغ عني الوزير توبيخ له بينها لو كان يفقه توبيخ
أراك بحمام الوزارة نورة وأما جناب المستشار فزرنيخ
من الفقه
قال ابن القيم في أعلام الموقعين: الأصل في العبادات البطلان حتى يقوم الدليل على الأمر بها والأصل في المعاملات الصحة حتى يقوم الدليل على تحريمها. أقول العبادات الصلاة والصوم والزكاة والحج فهذا لا يقبل العمل بها إلا بما ورد عن الله ورسوله والذي لم يرد بها عن الله ورسوله فهو باطل وأما المعاملات مثل التجارة والصناعة والزراعة فمعاملاتها كلها صحيحة حتى يرد بحرمتها عن الله ورسوله مثل بيع الربا.
تقصر الصلاة في السفر سواء طال أو قصر (راجع الاختيارات) ويجوز تعدد المساجد في صلاة الجمعة للحاجة عند الشافعي وأحمد ومن أدرك التشهد مع الإمام في الجمعة فله أن يتم صلاته بركعتين عند أبي حنيفة والظاهري ومن ترك الصلاة متعمدا بلا عذر يصح منه قضاؤها وما ورد أن [النبي صلى الله عليه وسلم أمر المجامع في رمضان بالقضاء] فضعيف لعدول البخاري ومسلم عنه (راجع الاختيارات).
أظهر الأقوال في قوله تعالى {فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات} فالسابق بالخيرات هو من يفعل الواجبات ويتجنب النواهي ويزيد بالأعمال الطيبة تقربا إلى الله. والمقتصد هو من امتثل للأوامر واجتنب النواهي ولم يزد على ذلك شيئا من أعمال البر. والظالم لنفسه هو المذكور بقوله تعالى {خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا عسى الله أن يتوب عليهم}.
من الشعر لقيس بن ساعدة
في الذاهبين الأولين من القرون لنا بصائر
لما رأيت مواردا للقوم ليس لها مصادر
ورأيت قومي نحوها تمضي الأصاغر والأكابر
أيقنت أني لا محالة حيث صار القوم صائر
ولبعضهم:
خليلي كم ثوب وكم من عمامة على جسد ما فيه علم ولا عقل
وكم لحية طالت على ذقن جاهل وما تحتها إلا الغباوة والجهل
وكم راكب بغلا له عقل بغله تأمل تجد بغلا على ظهره بغل
وللمؤلف:
هنيئا للذي لديه أم يراها بالغداة وبالأصل
يحييها بلطف واحترام وعطف كالشفيق على العليل
يذل لرحمة ويطيع أنسا لها ما دام في دار الرحيل
كتب ولد ابن المقري لأبيه حين قطع عنه النفقة وهو يطلب العلم:
لا تقطعن عادة بر ولا تجعل عقاب المرء في رزقه
فإن أمر الإفك من مصلح يحط قدر النجم من أفقه
وقد جرى منه الذي قد جرى وعوتب الصديق في حقه
فأجابه الوالد:
قد يمنع المضطر من ميتة إذا عصى في السير في طرقة
لأنه يقوى على توبة توجب إيصالا إلى رزقه
لو لم يتب من ذنبه مصلح ما عوتب الصديق في حقه
للمؤلف:
العدل يبني في الكويت منارة لتضيء للإنسان طرقا هادئة
وليحيا بانيها بحسن دراية وسياسة وإثارة متوالية
قل لي بربك هل رأيت حكومة تبني بناها في العصور الخالية
وترى الحياد مع السلام أساسها وتبني عليه قوعد مترامية
عنها خذوا وبها اقتدوا في شأنكم ودعوا الخلاف بطيب نفس راضية
برعايتك يا ذا المعالي السامية
وله أيضا:
إن الكويت بلادي من والد بعد والد
وإنني لفخور بساكنيها الأماجد
ولبعضهم:
لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم ولا سراة إذا جهالهم سادوا
تبقى الأمور بأهل الرأي ما صلحت وإن تولت فبالأشرار تنقاد
من الفقه
الحق الثابت بينة شرعية لا يسقط بمرور الزمان وإن طال الزمان وما ذكر في مجلة الأحكام في المادة (1666) وهو (لا تسمع الدعوى بعد أن تركت 15 سنة) لا يؤخذ به وإليك البيان عن كتاب فلسفة التشريع في وجهة (304) وهو لا يصح للقاضي الإسناد إلى مجلة الأحكام ما لم يوجد نص صريح في الحديث كقاعدة البينة على المدعي واليمين على من أنكر أو ما لم تكن الأحكام منقولة عن الكتب المعتبرة في الفقه لا الحنفية وفي تقرير ورد لجمعية المجلة عند الصدر الأعظم. أن حكام الشرع إذا لم يستندوا على نص صريح لا يحكموا بالاستناد إلى واحدة من هذه القواعد.
تصح الطهارة من النجاسة بكل مائع طاهر كالخل وهذا عند أبي حنيفة ورواية عن أحمد اختارها ابن عقيل.
اختلف الأئمة فيما إذا افترق الزوجان وبينهما ولد فقال أبو حنيفة الأم أحق بالغلام حتى يستقل بنفسه في مأكل وملبس ثم بعد ذلك يكون الأب أحق به وأما البنت فالأم أحق بها إلى أن تبلغ وقال الشافعي الأم أحق بهما إلى سبع سنين ثم يخيرا وقال أحمد مثله إلا أن البنت بعد سبع سنين تكون عند أبيها وقال مالك الأم أحق بالبنت حتى تتزوج وبالغلام حتى يبلغ وهذا هو المشهور في مذهبه.
إذا تعذر استعمال الماء للطهارة لعدم وجوده أو لعذر من الأعذار الشرعية فالتيمم يقوم مقامه فلك أن تتيمم عن الغسل في الجنابة وللحائض إذا طهرت أن تتيمم ويأتيها الزو. انتهى عن كتاب(الإرشاد) للشيخ عبدالرحمن بن ناصر.
يجوز للحائض الطواف بالبيت عند الضرورة ولا فدية عليها. بول ما أكل لحمه وروثه طاهر ولم يذهب أحد من الصحابة إلى تنجيسه بل القول بنجاسته قول محدث لا سمع له من الصحابة (عن الاختيارات) إذا ترك الإمام ركنا من الصلاة يعتقده المأموم ولا يعتقده الإمام فصلاته صحيحة وهذا مذهب مالك.
يجوز الجمع بين الظهر والعصر. والمغرب والعشاء. للطباخ والخباز ونحوهما ممن يخشى فساد ماله.
قال المزني قرأت كتاب الأم على الشافعي ثمانين مرة فما من مرة إلا وكان يقف على خطأ فقال “هيه أبى الله أن يكون كتاب صحيح غير كتابه” هيه اسم فعل لمعنى زد. أقول تأمل ما قاله الإمام الشافعي وطبقه على الكتب المتداولة بيننا تجدنا ننزهها عن الغلط حرمة للمؤلف دون مراعاة للحق.
يصح بيع الوقف إذا تعطلت منافعه مثال ذلك إذا أوقفت دارا لسكنى الغرباء وانقطع الساكنون عنها فلك أن تبيعها (راجع الاختيارات).
يجوز تغير شرط الواقف إلى ما هو أصلح مثال ذلك من أوقف دارا على الفقهاء واحتاج أن تصرف للمجاهدين فيجوز ذلك وقول الفقهاء نص الواقف كنص الشارع المراد به الدلالة لا في وجوب العمل (عن الاختيارات).
من وقف شيئا مضرا للورثة فهو باطل كمن وقف على الذكور دون الإناث، وفي الحديث: [لا ضرر ولا ضرار].
عن عائشة رضي الله عنها أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم أن أمي افتلتت نفسها وأظن أنها لو تكلمت لتصدقت فهل لي أجر إن تصدقت عنها؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: [نعم].
المقلد هو الذي يعرف دليل إمامه وأما الذي لا يعرفه لا مذهب له بل عليه أن يسأل أهل العلم كما كان عليه السلف الصالح قبل ظهور المذاهب راجع المجموع للنووي.
مذهب مالك إذا وقعت النجاسة في الماء ولم يتغير منها فهو طاهر مطهر وأما إذا تغير بها بلون أو طعم أو رائحة فهو نجس.
النجاسة المتفق عليها هي بول الآدمي ورجعية وهو البراز والدم المسفوح أي السائل ولحم الخنزير وما عدا هذه الأربعة ففيها خلاف بين أهل العلم في الطهارة والنجاسة.
مذهب الحنفي إذا اغتسل الإنسان عن الجنابة ولم ينوي رفع الحدث أو توضأ بالماء ولم ينو الوضوء فغسله ووضوءه صحيح. اتفقت الأئمة أن النية محلها القلب في الصلاة والصوم والحج والزكاة.
مس المرأة بشهوة أو بلا شهوة لا ينقض الوضوء عند أبي حنيفة ومس الفرج بالكف أو بغيره لا ينقض الوضوء عند أبي حنيفة، ومن جامع ولم ينزل فلا عليه غسل عند أبي حنيفة وإذا نزل المني بغير شهوة فلا عليه غسل عند مالك وأبي حنيفة وأحمد والمني طاهر عند الشافعي.
التيمم يرفع الحدث عند أبي حنيفة وأحمد وله أن يصلي بتيمم واحد جميع الفروض كالوضوء وكذا عن الحسن والزهري لأنه بمنزلة الماء.
والنوم لا ينقض الوضوء إن ظن بقاء طهوره (عن الاختيارات) ويجوز التيمم لشدة البرد عند مالك وأبي حنيفة والحسن البصري، إذا التبست عليك القبلة اجتهد وصل وصلاتك صحيحة وإن تبين لك الخطأ لك فيما بعد، وفي الحديث: [أن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه].
قال تعالى: {ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم}. نزلت هذه الآية الشريفة في أبي بكر رضي الله عنه حين أقسم أن لا ينفق على (مسطح) لأنه من القاذفين للسيدة عائشة ولما سمع هذه الآية قال بلى أحب أن يغفر الله لي أقول تأمل هذا الصفح الجميل والسماحة العالية في رجل تحسن إليه ويقذف ابنتك بالفاحشة مع قرابته لك ويأمر المولى بالعفو عنه والإنفاق عليه فما أعدلك يا أرحم الراحمين ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب.
شهادة الأجانب
(قال الكاتب الإنكليزي الكبير برنارد شو) عند وقوع الحرب العالمية الثانية: “ما أحوج العالم اليوم إلى رجل كمحمد يحل مشاكله وهو يحتسي فنجانا من القهوة”.
وقال الفيلسوف الفرنسي (جوستاف لوبون): “لا ريب أن التفوق الإسلامي السياسي والمدني كان عظيما للغاية فقد كانت بلاد العرب قبل محمد مؤلفة من إمارات مستقلة وكانت القبائل في قتال دائم فلما ظهر محمد ومضى على ظهوره قرن واحد صارت دولة العرب ممتدة من الهند إلى إسبانيا وكانت الحضارة تسطع بنورها الوهاج في جميع المدن التي خفقت راية النبي فوقها”.
الطلاق
ذكر القاسمي في تفسيره ما يأتي: “الطلاق الثلاث يعتبر عن واحدة واستدل بالحديث الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنه وبفتوى النبي صلى الله عليه وسلم لركانة وبكلام العرب وبمن خالف عمر رضي الله عنه من الصحابة والتابعين ومن بعدهم كداود الظاهري وببعض أصحاب أبي حنيفة ومالك وأحمد وبما حكاه شيخ الإسلام ابن تيمية، قال والمقصود أن هذا القول دل عليه الكتاب والسنة والقياس والإجماع القديم ولم يأت بعده إجماع يبطله ولكن عمر رضي الله عنه رأى أن الناس استهانوا بأمر الطلاق وكثر منهم إيقاعه جملة واحدة فرأى من المصلحة العقوبة عليهم بإمضاءه ليكفوا. لأن الله أمر الطلاق مرة بعد مرة ولم يشرعه كله بمرة واحدة ومن جمع الثلاث بمرة واحدة فقد تعدى حدود الله وظلم نفسه”. (انتهى باختصار الجزء الثالث وجه 230).
قال تعالى: {الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان} قال ابن كثير: “هذه الآية رافعة لما كان عليه الأمر في ابتداء الإسلام من أن الرجل كان أحق برجعة امرأته وإن طلقها مئة مرة ما دامت في العدة فلما كان في هذا ضرر على الزوجات قصرهم الله على ثلاث طلقات وأباح الرجعة في الأولى والثانية وأبانها في الثالثة فقال: {الطلاق مرتان} وبعدها إما إمساك بمعروف مع الزوجة أو تسريح بإحسان. ورد في الحديث: [لا طلاق في إغلاق] والإغلاق هو الغضب وقال ابن تيمية: “الغضب الذي يزيل العقل ولا يشعر صاحبه فهذا لا يقع به الطلاق والغضب الذي يمنع صاحبه من التصور فهذا يقع به الطلاق”.
دار الحرب ودار الإسلام
(لأبي زهرة)
فخلاصة كلامه أن في هذه النظرية رأيين أحدهما أن دار الإسلام هي التي تحكم على دين الإسلام فهي إسلامية وإن كانت تحكم على غير دين الإسلام فهي ليست دار إسلام.
والرأي الثاني ينظر إلى أمن المسلم وولايته فإن كان المسلم آمنا على دينه ونفسه في هذا الدار بحيث يكون حرا في دينه وآمنا على نفسه فالدار دار إسلام وهذا الرأي لأبي حنيفة وهو الأقرب إلى معنى الإسلام (انتهى كلام أبي زهرة باختصار).
أقول إن الحالة في جميع البلاد المتمدنة تكون على رأي أبي حنيفة إسلامية لأن جميع المخلوقات الإنسانية أحرار في دينهم بل لهم أن يدعو إلى دين الإسلام ويدافعوا عنه ولهم نشر ذلك في الصحف والكتب بلا معارضة.
هل الخلع فسخ أو طلاق؟
فمنهم من يرى أنه طلاق وحكمه حكمه ومنهم من جعله فسخا وأن العدة فيه حيضة واحدة وعن ابن عباس رضي الله عنه أن امرأة ثابت بن قيس اختلعت من زوجها فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تعتد بحيضة واحدة وهذا مذهب عثمان وعبد الله بن عمر والربيع بن معوذ وعمر رضي الله عنهم وذهب إلى هذا المذهب إسحاق بن راهويه والإمام أحمد في رواية عنه اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية.
حكم زكاة مال الصبي والمجنون
اختلفت الأئمة في ذلك ورجح الشوكاني قول من لا يراها من أهل العلم واستدل بقوله تعالى: {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم} فهو يقول لا معنى لتزكية الصبي والمجنون لأنهما غير مؤاخذين.
حكم من مات وعليه زكاة لم يؤدها
اختلف أهل العلم في ذلك فمنهم من يراها واجبة ومنهم من لا يراها واجبة والراجح قول من يراها واجبة لأنها دين عليه.
نقل الميت من بلد إلى بلد آخر ونبش القبر
اختلف العلماء بنقله فمنهم من حرمه ومنهم من قال يكره نقله والراجح أنه حرام لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر برد قتلى أحد إلى محل القتل، وأما نبش القبر فلا يجوز لغير سبب شرعي وإن أردت تفصيل ما مر فراجع المجموع للنووي.
من التاريخ
ضعفت الأمة وانهارت وسقطت الدولة وتقسمت إلى دويلات فصارت خراسان وما وراء النهر لابن ساسان وذريته من بعده وصارت البحرين وعمان للقرامطة وأصفهان وفارس لبني بويه والأهواز وواسط لمعز الدولة وحلب لسيف الدولة ومصر لأحمد بن طولون ومن بعده للمماليك وصار شمال أفريقيا للموحدين وضعفت الجماعة الإسلامية في تفكيرها واعتقادها وإيمانها ووحدتها ضعفا أغزى بها الغزاة من الخارج فاقتحمها التتار من المشرق وغزاها الصليبيون من المغرب تلك حالتنا في القرن السابع فهل من الضعف تخرج القوة وهل من التفرقة تنشأ الوحدة من الظلام يخرج النور (انتهى عن.. ليس من الإسلام) للعلامة الغزالي المصري.
نظام الجمهورية
(أولا) تعليم الشعب (ثانيا) برنامج للتربية يعمل به (ثالثا) نظام سياسي يرفع الأخلاق وينهض بالحرية والمساواة (رابعا) نعني بالجمهورية التي تسعى لتحسين حالة الطبقات الفقيرة الكادحة والتي ينمو بها التكافل بأبهج نماء التي تختفي فيها عوامل الركود والجمود والتي يقف منها المجتمع على وجه الأرض كما يقف في بعيد أسس على التقوى. (انتهى عن كتاب ظل العقيدة).
أقول: لقد أجاد المؤلف في هذا النظام البديع فعسى أن يعمل به الأمراء والرؤساء وتكون الدولة الإسلامية كجسد واحد إذا أصيب بعضه تألم باقيه.
من التفسير
{هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذي في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا}.
المحكمات هي الآيات التي يعرف معناها وما فيها التباس مثل قوله تعالى: {إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء} وقوله {هن أم الكتاب} أي المتشابه فهو لا يعلمه إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به أي يؤمنون أنه من الله ويقوضون علمه إلى الله وذلك مثل قيام الساعة بأي وقت وحقيقة الروح فواتح السور مثل ألم وألمر وألمص وما أشبه ذلك.
قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى} وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [لا يقبل الله صدقة منان] وقد فسر المن والأذى بأقوال منها أن يستخدم المعطي ومنها أن يقول أعطيت فلانا كذا وكذا أو يتكبر عليه.
قال الله تعالى: {يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم} وقد استدل بها من قال بأن الله بعث من الجن رسلا منهم وحكاه ابن جرير عن الضحاك ومزاحم. والأكثرون على أنه لم يكن من الجن أنبياء انتهى عن تفسير القاسمي باختاصر. أقول إن القاسمي لم يذكر للأكثرية ونص القرآن صريح لا يحتاج إلى تأويل ولقد قال المفسرون في قوله تعالى: {يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان} أن الدر لا يخرج من الماء الحلو وتبين الآن أنه يخرج من الحلو وها هو موجود وتأتي منه كميات من أمريكا وفنزويلا، أقول الواجب على المفسر أن يقف عن الكلام بشيء لا يعرفه ويرجع الأمر فيه إلى الله.
روى البخاري عن حباب رضي الله عنه قال: “كنت قينا في الجاهلية فعملت للعاص بن وائل سيفا فجئت أتقاضاه (أي أطلب ثمنه) فقال لا أقضيك حتى تكفر بمحمد فقلت له: لا أكفر بمحمد حتى تموت ثم تبعث فقال ذرني حتى أموت ثم أقضيك فسوف أعطى مالا وولدا. فنزلت هذه الآية {أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا أطلع الغيب أم اتخذ عند الرحمن عهدا}.
كتب مسيلمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم: “من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله أما بعد فإن الأرض نصفها لي ونصفها لك فأجابه رسول الله: [من محمد رسول الله إلى مسيلمة الكذاب، أما بعد فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين] وقد حارب أبو بكر رضي الله عنه مسيلمة بجنود المسلمين وقتل مسيلمة، قتله وحشي ويقول وحشي قتلت حمزة رضي الله عنه وأنا في الجاهلية وقتلت مسيلمة وأنا في الإسلام.
مضار الخمر
قرر جمع من الأطباء مضار الخمر ونشرها المرحوم القاسمي في تفسيره وإليك المهم منها وهو أن الخمر توقف النمو العقلي في الأولاد وتمد الجسم بالأمراض المعدية سيما التدرن وأنها تضر الرئة وهي تقرب النهاية المحزنة بالموت وكثيرا ما تسبب التهابا بالأعصاب وتسرع بحويصلات الجسم إلى الهرب. وأقول لو لم يكن فيها إلا ذهاب العقل وعدم الصحة للجسم لكفى وإليك هذه المضحكة:
وقف سكران يتفرج على المجانين في سجنهم وأخذ يعبس بوجهه للمجنون ويمد لسانه فتحول المجنون من محله ولحق بالسكران يشوه بوجهه فقال المجنون انظر يا رب من حلوا ومن ربطوا هل أنا المجنون أم هذا السكران.
وإليك ما قلت في ذم الخمر:
يا مدمن الخمر قل لي هل في الجنون مسره
وهل إذا مت منه سعادة أو مضره
تبيع عقلا وجسما بخزية ومعره
من الشعر
وفي الجهل قبل الموت موت لأهله فأجسادهم قبل القبور قبور
وإن أمرا لم يحي بالعلم ميت فليس له حتى النشور نشور
وقال بعضهم:
هم وسط ترضى الأنام بحكمهم إذا أنزلت إحدى الليالي بمعظم
ولد عبل الخزاعي:
يموت رديء الشعر من قبل أهله وجيده يبقى وإن مات قائله
وللمؤلف:
خرج الناس يوم عيد وراحوا رافلين بزينة وسرور
وأرى العيد في رضى الله عني فهو عيدي وبهجتي وحبوري
من التفسير
{ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم} يقول الشيخ محمد عبده: “الموت هنا موت معنوي وإليك ما استدل به أقول وإطلاق الحياة المعنوية والموت المعنوي في الأشخاص والأمم معهود في القرآن كقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم} وقوله تعالى: {أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها} وأما الموت الحقيقي فلا ينكر كما علم من سنة الله في عباده ومنها قوله تعالى: {لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى} راجع تفسير المنار.
قال الله تعالى: {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير} وفي مسند الإمام أحمد عن علي كرم الله وجهه قال: ألا أخبركم بأفضل آية في كتاب الله حدثنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ذكر الآية المارة ثم قال سأفسرها لك يا علي: [ما أصابكم من مرض أو عقوبة أو بلاء في الدنيا فبما كسبت أيديكم والله تعالى أكرم من أن يثني عليكم العقوبة في الآخرة وما عفا الله عنه في الدنيا فإنه سبحانه أحلم من أن يعاقب به بعد عفوه وقال علي كرم الله وجهه هذه الآية أرجى آية في كتاب الله وإذا كان الله يكفر عنا بالمصائب ويعفو عن كثير فأي شيء يبقى عن كفارته وعفوه. (انتهى عن تفسير محمد مخلوف).
{إنا كل شيء خلقناه بقدر} فيستفاد من هذه الآية إبطال قول من يقول إن هذا الوجود أوجدته المادة التي لا تعقل ولا تسمع ولا تبصر فكيف توجد هذه المخلوقات وفي نفس الإنسان أعجب العجب.
قال الله تعالى: {وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين} ففي القرآن شفاء لما في الصدور من الوسوسة والقلق والحيرة وفيه شفاء من اتباع الهوى والطمع والحسد وفيه شفاء من العلل الاجتماعية التي تخلخل بناء الجماعة وتذهب بسلامتها وأمنها وإنما تعيش الجماعة في ظل النظام الاجتماعي.
{وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان} وفي حديث مسلم: [ما من عبد يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله إحدى ثلاث إما أن يعجل له دعوته وإما أن يؤخرها له في آخرته وإما أن يكف عنه السوء].
فوائد ولطائف
قيل لأغا خان أحقا أنك تحمل روح الله في بدنك وإنك لهذا تعبد فقال وهو يضحك أنا أولى بالألوهية من غيري إنهم بالهند يعبدون البقر وأحسب نفسي أنني أفضل من العجل.
الحرية في نظر جوتيه واقبال
لا تنال الحرية بالحقيقة إلا إذا استطاعت أن تحكم على نفسها ويقول سيدنا عمر متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا. قال أعرابي لرسول الله دلني على عمل شيء في الإسلام لا أسأل عنه أحدا غيرك فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: [قل آمنت بالله ثم استقم].
يقول الشافعي من أراد الدنيا فعليه بالعلم ومن أراد الآخرة فعليه بالعلم ومن أرادهما معا فعليه بالعلم والله يقول: {قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون}.
سئل الشعبي هل لإبليس زوجة فأجاب ذلك عرس لم أحضره.
شكوى إبليس من رجال السياسة في هذا الزمن فهو يقول أن أرباب السياسة هم أبالسة هذا الزمن وبقائي على وجه الأرض ليس له محل.
قال الأستاذ شيرال عميد كلية الحقوق في سنة 1927م إن البشرية لتفتخر بانتساب رجل كمحمد إليها لأنه استطاع رغم أميته قبل بضعة عشر قرنا أن يأتي بتشريع سنكون نحن الأوربيون أسعد ما نكون لو وصلنا إلى أميته بعد ألف عام.
من الفقه
إذا قال الرجل لزوجته أنت علي حرام فهل تحرم عليه؟ ففي البخاري عن ابن عباس رضي الله عنه إذا حرم الرجل امرأته فهي يمين يكفرها وقال لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، فالرسول حرم مارية وقال الله له {يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك} والكفارة أنت مخير فيها بين عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم فإن عجزت عن ذلك فعليك صيام ثلاثة أيام والرقبة الشرعية اليوم لا توجد وما نراه من الأرقاء اليوم فهو مسروق من أهله أو أن أهله باعوه بسبب الفقر وقد وقع في الكويت في سنة 1284هـ بيع أهل فارس لبناتهم بسبب الجوع.
فائدة
عن كتاب الاختبارات وهي قد استفاضت الآثار لمعرفة الميت لأهله وبأحوال أهله وأصحابه في الدنيا وأن ذلك يعرض وجاءت الآثار أيضا بأن الميت يدري بما يفعل عنده فليسر بما كان حسنا ويتألم بما كان قبيحا وتجتمع أرواح الموتى وينزل الأعلى إلى الأسفل ولا عكس وقال أبو العباس في موضع آخر الصحيح أن الميت ينتفع بجميع العبادات الدينية من الصلاة والصيام والقراءة كما ينتفع بالعبادات المالية من الصدقة والعتق باتفاق الأئمة. وقال الشيخ محمد عبده أن بعض العلماء الباحثين في الروح يقولون أن الروح في هذا الجسم المادي فإذا مات الإنسان وخرجت روحه دخلت في جسم أثيري وهو جسم لا يتغير ولا يتبدل ولا يتحلل ثم قال من هذا القول إن مذهب مالك يرى أن الروح صورة كالجسد وإذا كان من خواص الأثير النفوذ في الأجسام اللطيفة والكفيفة فلا مانع أن تتعلق به الروح المطلقة.
القصاص في الحياة
ولكم في القصاص حياة لأن القاتل إذا علم أنه يقتص منه ويقتل كف عن القتل وهذه الحالة شاهدتها في الحجاز لما كان الحكم للأشراف وشاهدتها حينما كان الحكم للمرحوم عبد العزيز السعود فقد كنا في زمن الأشراف نخشى على أنفسنا حتى إذا أردنا الذهاب إلى العمرة. وسافرت للمدينة مع القافلة ومعنا الخفر الذي يحرسنا وهجم علينا قطاع الطريق ونحن سائرون ليلا فأمرنا رئيس القافلة بالفرار وقابل القطاع أصحابنا بالرمي حوالي نصف ساعة حتى نصرهم الله وعادوا إلينا سالمين وتخلف منا درويش نهارا وهو لا يملك إلا عصاه ولحقنا بعد مدة مضرجا بالدماء فقال ضربني قطاع الطريق لأعترف لهم بالمال إن كان عندي شيء وفتشوا ثيابي ولم يجدوا شيئا فتركوني والمصيبة أن هؤلاء الأشقياء يقتلون المحرم بالحج وبعد القتل يفتشون ثيابه.
وسافرت سنة 1361هـ في أيام المرحوم عبد العزيز آل سعود وكنا ننفرد بالمسير في السيارة وننام بالمفازة ولم نخش إلا الله وقد حدثت حادثة في يوم عرفة وهي أن بعض السراق سرق فأخبر المسروق منه الشرطة فأتوا ببدوي ليقتص الأثر فتتبعه ثم أخبرهم بأني عرفت أثر السارق ولكني بسبب الرمل وكثرة الماشين لا أستطيع معرفته فأمهلوني فذهب يوم العيد عند جمرة العقبة فعرف الأثر فطلب من الحراس أن يتبعوه وهو يتبع الأثر فدخل بيتا في منى بلا إذن فرأى السرقة بعينها وقبض على السارق وحالاً أمر بقطع يده وعلقت على خشبة في الطريق ليراها الحجاج.
زد على هذا أني في حجتي سنة 1361هـ اختلطت في رواحي إلى المدينة مع عرب الحجاز ورأيت من حسن المعاشرة واللطف ما لم أره في زمن الأشراف وسألتهم عن المعيشة فحمدوا الله على ما هم به وأن عبد العزيز لم يقصر عنهم فترى هذا الأمن المستتب إلى يومنا هذا ليس من إقامة الحد عليهم فقط معه الإحسان عليهم ولله در القائل:
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم فطالما استعبد الإنسان إحسان
من التفسير
{وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون}. وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ما من مسلم يدعو الله بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله إحدى ثلاث خصال: أما أن يعجل له دعوته الدنيا وإما أن يؤخر له في الآخرة وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها. وإن الله لا يرد دعاء عبده لأنه يقول: {ادعوني أستجب لكم} ولكن المولى يختار لعبده ما هو الأصلح له من الثلاث].
{فما لكم من المنافقين فئتين} عن زيد بن ثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى أحد فرجع ناس خرجوا معه وكان أصحاب رسول الله فيهم فرقتين فرقة تقول نقتلهم وفرقة تقول لا فأنزل الله فيهم هذه الآية وهذا أصح ما ورد عن تفسير الشوكاني.
فائدة
من كلام للدكتور هنري لنك الدين هو الإيمان بوجود قوة الله مدبر الكون وخالق السماوات الدين هو الإقتناع بدستور الحق السماوي. سنة الله في كتبه المتعاقبة وإن التعليم الإلهي أثمن كنز نعترف منه الحقائق الدينية وهي أسمى في مرماها من جميع العلوم الإنسانية. انتهى عن كتاب (الإسلام) للغزالي. وهذا الدكتور كان أكبر ملحد.
حكم أهل الفترة
وهي المدة الواقعة ما بين عيسى ومحمد ويقول الشيخ محمد عبده أنهم ناجون وهذا قول الجمهور من المسلمين لأنهم لم تبلغهم الدعوة والله يقول: {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا}.
من الشعر السياسي
لما أراد معاوية أن يستخلف ابنه يزيد تخوف من مروان بن الحكم وعبد الله بن عامر وسعيد بن العاص لأن هؤلاء يرشحون أنفسهم للخلافة فقال معاوية ليزيد أطلب من مسكين الدرامي أن ينشد بمحضر بني أمية ويزيد جالس عن يمينه وأشراف الناس حوله فأنشد قصيدته التي يقول فيها:
أن أدع مسكينا فإني ابن معشر من الناس أحمى عنهم وأذود
إليك أمير المؤمنين رحلتها تثير القطا ليلا وهن هجود
ألا ليت شعري ما يقول ابن عامر ومروان أم ماذا يقول سعيد
بني خلفاء الله مهلا فإنما يبوثها الرحمن حيث يريد
إذا المنبر الغربي خلاه ربه فإن أمير المؤمنين يزيد
ولهذه القصيدة تبع لم أذكره لأن الغرض هو بيان الشعر السياسي وإني أعوذ بالله من شر من ساس وظلم الناس.
شهادة الأجانب لمحمد والقرآن
يقول هنري دين كاستري لو لم يكن في القرآن غير بهاء معانيه وجمال مبانيه لكفى بذلك أن يستولي على الأفكار ويأخذ بمجامع القلوب ولقد نزل على محمد دليلا على صدق رسالته وهو لا يزال إلى يومنا هذا سرا من الأسرار التي يتعذر فك طلامسها ولن يسبر غور هذا السر المكنون إلا من يصدق بأنه نزل من الله.
وقال الفيلسوف الفرنسي آكلي لوازون خلف محمد للعالم كتابا هو آية البلاغة وسجل الأخلاق وهو كتاب مقدس وليس بين المسائل العلمية المكتشفة حديثا أو المكتشفات الحديثة مسألة تتعارض مع الأسس الإسلامية فالانسجام تام بين تعاليم القرآن والقوانين الطبيعية.
وقال جوته إن هذا الكتاب سيحافظ على تأثيره إلى الأبد لأن تعاليمه عملية مطابقة للحاجات الفكرية لقوم معتزين بتقاليدهم متمسكين بعاداتهم القديمة.
وقال المسيو ليون حسب هذا الكتاب جلالة ومجدا أن الأربعة عشر قرنا التي مرت عليه لم تستطيع أن تجفف ولو بعض الشيء من أسلوبه الذي لا يزال غضا كأن عهده بالوجود بالأمس. انتهى عن كتاب (حقوق الإنسان).
المسيح بن مريم
اختلف النصارى في المسيح وأمه على أقوال، فقرر يبقيه سنة 325 م ومجمع قسطنطينة سنة 381 م بأن الابن وروح القدس متساويان للأب في وحدة اللاهوت وأن الابن قد ولد منذ الأزل من الأب وأن روح القدس ينبثق من الأب، وقرر مجمع طليطلة سنة 589 م بأنه انبثق عن الإبن أيضا أي روح القدس، واختلفت الكنيسة الشرقية والكنيسة الغربية عند هذه النقط ولا يزالون مختلفين فجاء القرآن الكريم وقال عن المسيح أنه كلمة الله ألقاها إلى مريم وروح منه وأنه بشر: {إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل} فكان هذا فصل الخطاب فيما كانوا فيه يختلفون.
كمال حسن الخلق
أن تصل من قطعك بالسلام والإكرام وتحسن إليه. وتعطى من حرمك من التعليم والمنفعة والمال وتعفو عن من ظلمك وتعدى عليك. وقال الإمام أحمد أصول الإسلام تدور عليك. وقال الإمام أحمد أصول الإسلام تدور على ثلاثة أحاديث أحدها: أن الحلال بين والحرام بين وثانيها إنما الأعمال بالنيات، وثالثها: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد. حديث [ارحم من في الأرض يرحمك من في السماء]. رواه البخاري. حديث: [إنما يرحم الله من عباده الرحماء] رواه البخاري ومسلم. حديث: [إن الرفق لم يكن في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه] رواه مسلم. قال الله تعالى: {يمحو الله ما يشاء ويثبت عنده أم الكتاب} يمحو الله من الرزق ويزيد فيه وكذا القول في الأجل فإنه يزيد فيه وينقص وكذا بالسعادة والشقاوة والإيمان والكفر، وهذا مذهب عمر وابن مسعود وحجة القائلين بأن العمر لا يزيد ولا ينقص قوله تعالى: {إذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون}. وجواب المخالف: المراد بإذا جاء أجلهم يعني إذا بلغت الروح الغرغرة وأما قبلها فلله أن يزيد وينقص: {يسأله من في السماوات والأرض كل يوم هو في شأن} روى ابن جرير أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية، فقيل له وما ذلك الشأن فقال: [يغفر ذنبا ويفرج كربا ويرفع أقواما ويضع آخرين].
ذكر الله
قال تعالى: {فاذكروني أذكركم} وقال {يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة وأصيلا} أي اذكروا الله في أول النهار وآخره وكان الرسول يذكر الله في جميع أحيانه ويوصي بذكر الله وقال له رجل إن شرائع الإسلام كثيرة فأخبرني بشيء أتثبت به فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: [لا يزال فؤادك رطبا من ذكر الله] وقال الله تعالى: {فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم} {وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو} فالمفاتح جمع مفتاح وقرى مفاتيح الغيب ففي هذه الآية الشريفة ما يدفع أباطيل الكهان والمنجمين والرميلين وكل من يدعي الغيب والكشف والإلهام. وقد ابتلي المسلمين بقوم سوء من هذه الأجناس من أهل الأوهام وقد ورد في الحديث من أتى كاهنا أو منجما فقد كفر بما أنزل على محمد رواه الإمام أحمد.
{وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون}.
لهذه الآية في حشر الحيوانات دلالة على أنهم يحشرون. كبني آدم وقال بهذا جمع من العلماء منهم أبو ذر وأبو هريرة والحسن وذهب ابن عباس على أن موتهم هو حشرهم واستدل القائلون بحشرهم بحديث مفاده أنه يقاد يوم القيامة للشاة الجلحا من الشاة القرناء وبقوله تعالى: {وإذا الوحوش حشرت}. وأجاب المخالف بأن الحديث خارج عن الصحيح وهو من بعض الرواة، وقالوا: إن الجمادات لا يعقل خطابها ولا عقابها انتهى عن الشوكاني باختصار، والله أعلم.
{وعلى الذين يطيقونه فدية} ذهب أكثر المفسرين والفقهاء أن هذه الآية منسوخة وفي الصحيحين لما نزلت هذه الآية كان من شاء منا صام ومن شاء أفطر ويفتدي حتى نزلت هذه الآية {فمن شهد منكم الشهر فليصمه} وذهب ابن عباس أنها محكمة غير منسوخة وأنها نزلت في الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة اللذين لا يطيقان الصيام فعليهما إطعام مسكين عن كل يوم. انتهى عن تفسير مخلوف باختصار.
هذا وقد انتهيت من كتابة الجزء السادس من الملتقطات في اليوم العاشر من شهر ربيع الأول سنة 1384هـ وإني أختتمه بقوله تعالى: {سبحانك ربك رب العزة عما يصفون وسلام علىالمرسلين والحمد لله رب العالمين}.
(انتهى)
***********